للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و] [١] العقول السخيفة وقد قالت الحكماء [٢] : الكتاب نعم الجليس والذخر، إن شئت ألهتك بوادره، وأضحكتك نوادره، وإن شئت أشجتك مواعظه، وإن شئت تعجبت من غرائب فوائده، وهو يجمع لك الأول والآخر، والناقص والوافر، والغائب والحاضر، والشكل وخلافه، والجنس وضده، وهو ميت ينطق عن الموتى، ويترجم عن الأحياء، وهو مؤنس ينشط بنشاطك، وينام بنومك، ولا ينطق إلا بما تهوى، ولا يعلم جار ولا خليط أنصف، ولا رفيق أطوع، ولا معلّم أخضع، ولا صاحب أظهر كفاية ولا أجلّ جباية [٣] ولا أشدّ [٤] نفعا، ولا أحمد أخلاقا، ولا أدوم سرورا، ولا أسلم غيبة، ولا أحسن مواتاة، ولا أعجل مكافاة، ولا أخف مؤونة منه، إن نظرت فيه أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وأكثر علمك، وتعرف منه في شهر ما لا تعرف من أفواه الرجال في دهر، يغنيك عن كدّ الطلب [٥] وعن الخضوع إلى من أنت أثبت منه أصلا، وأرسخ منه فرعا، وهو المعلم [٦] الذي لا يجفوك، وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة.

وكان عبيد الله بن محمد [٧] بن عائشة القرشي يقول: الأخبار تصلح للدين والدنيا، قلنا: الدنيا عرفنا فما للآخرة؟ قال: فيها العبر يعتبرها الرجل. وقال الله تعالى مخبرا عن قصة يوسف وإخوته لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ

(يوسف: ١١١) وقال تعالى: وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ

(النور: ٣٤) وقال عزّ وجلّ: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ

(طه: ٩٩) ولذلك قال بعضهم لولده: عليك بالأخبار فإنها لا تعدمك كلمة


[١] النفوس الدنية و: سقط من م.
[٢] قارن بما جاء لدى الجاحظ في الحيوان ١: ٣٨- ٤٢ والمحاسن والأضداد: ٤- ٦.
[٣] ر: ولا أقل خيانة.
[٤] ر: ولا أبدا.
[٥] م: الطالب.
[٦] ر: العالم.
[٧] ر: محمد بن عبيد الله، وهو خطأ انظر الأغاني ٢: ١٧٠ وعبيد الله هو ولد محمد ابن عائشة المغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>