للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد علم أن السيد الأجلّ تاج الأمراء فخر الملك عمدة الإمامة وعدّة الدولة ومجدها ذا الفخرين نصيف أولاد سام وحام ويافث. وودّ العبد الضعيف العاجز لو أن قلعة حلب وجميع جبال الشام جعلها الله ذهبا لينفقه تاج الأمراء نصير الدولة النبوية- على إمامها السلام وكذلك على الأئمة الطاهرين من آبائه- من غير أن يصير إلى العبد الضعيف من ذلك قيراط، وهو يستحيي من حضرة تاج الأمراء أن ينظر إليه بعين من رغب في العاجلة بعدما ذهب، وهو رضي أن يلقى الله- جلت قدرته- وهو لا يطالب إلا بما فعل من اجتناب اللحوم، فإن وصل إلى هذه الرتبة فقد سعد (ثم اعتذر عن السجع بأخبار أوردها واحتجاجات ذكرها) . وسيدنا الرئيس الأجل المؤيد في الدين- لا زالت حجّته باهرة ودولته عالية- كما قال ثعلبة بن صعير [١] :

ولربّ قوم ظالمين ذوي شذى ... تغلي صدورهم بهتر هاتر [٢]

لدّ ظأرتهم على ما ساءهم ... وخسأت باطلهم بحقّ ظاهر [٣]

ولو ناظر أرسطاليس لجاز أن يفحمه، أو أفلاطون لنبذ حججه خلفه، والله يجمّل بحياته الشريعة، وينصر بحججه الملة، وحسبي الله ونعم الوكيل.

٥- الجواب من ابن أبي عمران:

ما فاتحت الشيخ- أحسن الله توفيقه- بالقول إلا مفاتحة متناكر عليه فيه، مؤثر لأن يخفى من أين جاء السؤال، فيكون الجواب عنه باسترسال ورفض حشمة وحذف تكلّف للخطاب بسيّدنا والرئيس وما يجري هذا المجرى، إذ كان حكم ما يتجارى فيه موجبا أن لا يتخلله شيء من زخارف الدنيا، ولأنني أعتقد أن سيدي بالحقيقة من تستفل دون يده يداي أخذا منه للدنيا، أو تمتار نفسي من نفسه استفادة من معالم الأخرى. فما أدري كيف انعكست الحال حتى صار الشيخ- أدام الله تأييده- يخاطبني


[١] ثعلبة بن صعير شاعر جاهلي قديم، وبيتاه من قصيدة له مفضلية، انظر شرح ابن الأنباري: ٢٥٤- ٢٥٦.
[٢] الشذى: الأذى، الهتر الهاتر: الكلام القبيح.
[٣] لد: شديد والخصومة، ظأرتهم: عطفتهم: خسأت: زجرت ودفعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>