للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى حصن كيفا مقيما بها في ولده، مؤثرا لها على بلده، حتى أعاد الله دمشق إلى سلطنة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة سبعين، ولم يزل مشغوفا بذكره، مشتهرا بإشاعة نظمه ونثره، والأمير العضد مرهف ولد الأمير مؤيّد الدولة جليسه، ونديمه وأنيسه. (قال مؤلف هذا الكتاب: وقد رأيت أنا العضد هذا بمصر عند كوني بها في سنتي إحدى عشرة، واثنتي عشرة وستمائة وأنشدني شيئا من شعره وشعر والده) قال: فاستدعاه إلى دمشق- يعني مؤيّد الدولة- وهو شيخ قد جاوز الثمانين.

قال «١» وأنشدني العامريّ من شعره بأصبهان، وكنت أتمنى لقياه، وأشيم على البعد حياه. حتى لقيته في صفر سنة إحدى وسبعين بدمشق، وسألته عن مولده فقال:

ولدت في السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وأنشدني لنفسه البيتين اللذين سارا له في قلع ضرسه «٢» :

وصاحب لا أملّ الدهر صحبته ... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد

لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا ... لناظريّ افترقنا فرقة الأبد

وأنشدني لنفسه من قديم شعره «٣» :

قالوا نهته الأربعون عن الصبا ... وأخو المشيب يجوز ثمّت يهتدي

كم حار في ليل الشباب فدلّه ... صبح المشيب على الطريق الأقصد

وإذا عددت سنيّ ثمّ نقصتها ... زمن الهموم فتلك ساعة مولدي

قلت أنا: هذا كلام نفيس ومعنى لطيف، ولكنه أخذ معنى البيت الثاني من قول ابن الرومي «٤» .

كفى بسراج الشيب في الرأس هاديا ... إلى من أضلّته المنايا لياليا

فكان كرامي الليل يرمي فلا يرى ... فلما أضاء الشيب شخصي رمانيا

<<  <  ج: ص:  >  >>