للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتقدوا في الشمس والقمر والكواكب والسماء ما قدمنا ذكره، كالقبط الذين قالوا في فرعون ما ذكرنا، وكغيرهم؛ فقد قال بربوبية المخلوقات والمخلوقين خلق كثير، وشرح احوالهم يطول؛ وان المسيح صلّى الله عليه وسلم عدوّ لهؤلاء النصارى وبريء منهم فوجد الناس الأمر كما قال، وعلى ما شرح وفصّل، فكم في هذا من عجب، انه رجل عربي أمي يخبر عن رجل قد سبقه بنحو الف سنة، ولسانه غير لسانه، / وبلده غير بلده، وقومه غير قومه، يخبر عنه بأمور كان عليها.

وقد وجد صلّى الله عليه وسلم أمما ممن كانوا قبله يدعون التحقيق بهذا الرجل وهم على منهاجه وطرائقه، فلو كان منقولا لتهيب الاقدام على ذلك، وكان لا يأمن ان يكون القوم الذين سبقوه في الزمان وتحققوا بهذا الرجل قد صدقوا عليه، وانهم أتباعه كما ادعوا فلا يأمن ان يظهر كذبه، سيما وقد ادعى الصدق والنبوة والرسالة على اهل الارض كلهم وعقله الذي لا يدفع. فانظر كيف يتعرض لعظيمات الأمور، وجسيمات الخطوب.

وحكى عن ربه عز وجل ان النصارى ليسوا على شيء مما «١» جاء به احد من الانبياء، فقال: «وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ» «٢» فأقدم على أشياء قد تدبر بها العقلاء وجبابرة الملوك قبله وفيه فضائحهم وهتكهم، فيؤخذ الامر كما قال، فلو لم يكن إلا هذا من أعلامه لكفى وشفى وأغنى.


(١) في الاصل: ما
(٢) الزخرف ٤٥