للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأخفاق والاقدام إلا أزاله عنه وأخرجه منه، وأسنده إلى عقاب يعتصم بها، ومعاقل يأوى اليها، وقلاع ومطامير وخلجان وبحار يمتنعون بها. ثم ركب البحار إليهم، فأخرج الروم من الشام ومصر وأرض المغرب ولعلها مسيرة سنين، وهي اليوم في أيدي عدة ملوك، وغلب على أرمينية، وصار ملوكها يؤدون الجزية، وسار الاسلام حتى نزل على القسطنطينية وهي محصّنة/ ممنّعة بالبحار والخلجان والجبال والأسوار، فمذ غزاهم خلفاؤه وأصحابه كانوا في ذلة وفي شعاب ورؤوس مضايق قد سخت نفوسهم عن عيون ممالكهم واستسلموا، وكانوا كأعراب يطلبون النجعة أو كلصوص يطلبون الغرّة ويطرقون النيام، أو كصعاليك ينتظرون الفتنة بين المسلمين فينتهزون الفرصة، فأما أن يكون ملك يظهر لهم ويقيم بإزائهم ويعاديهم الحرب ويناوئهم كما كان ذلك بين ملوك الفرس والروم وملوك الترك والهند فلا.

فما ضربت ملوك الروم وتدا في بلادها فضلا عن بلاد المسلمين منذ غزاهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سني نيف وخمسين وثلثمائة للهجرة في زمن الديلم، والسلطان بالشام إذ ذاك سيف الدولة على بن حمدان، وهو معروف الديانة والطوية للاسلام والغزاة وأهل السيرة والعنف بالرعية، ومما كان يلجئهم بالجور الى الهرب إلى الروم، وشرح ذلك يطول.

وكانت الروم تقول قد كفانا بأس المسلمين وشغلهم عنا وألجأهم إلينا، وهو ملكنا الأكبر ودمستقنا الأعظم «١» .

فأما ممالك السند والهند وأصحاب الفيلة والبأس والعز وفي البر والبحر، فأخذ من ممالكهم في البر وركب إليهم في البحر مما يطول شرحه، فحازه


(١) الدمستق هو لفظ استعمله العرب مرادفا لكلمة -gouverneur أي حاكم- في اللغات الأجنبية.