للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أنثى وأكمل الله له قوته وأداته وعقله وتميزه ضربة واحدة، وتولى الله عز وجل مناجاته وتأدبه وتعليمه بنفسه دون كل أحد من خلقه.

وعلى كل حال فالمسيح قد تقلب في الحشا كالأطفال، وخرج من الفرج وكانت أمه تحتاج إلى آية في أنه مولود من غير ذكر، وقد خلق الله حواء من آدم، وقد خلق الملائكة من غير تناسل»

ولا أكلوا ولا شربوا ولا بالوا ولا تغوطوا، وليس كذلك المسيح، فإن سبيله في ذلك سبيل سائر الناس.

وقد تقدم لك ذكر أجناس الحيوان التي خلقها الله من غير ذكر ومن غير أنثى وبغير تناسل في كتابك المعروف «بالمصباح» ، وخلق الدودة والذبابة في الحجة كخلق الفيل، فإن المخلوقين لا يتأتى منهم إنشاء علامة ظفر ولا إحياء دودة، بل إحياء الدودة أبدع من إحياء الفيل، كما أن نظم الخردل أبدع من نظم الحنظل.

هذا وقد قدم دلالة العقل في سورة يونس فقال عز وجل: قالوا «/ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ» «٢» ، في أن الولد لا يتخذه الحكيم إلا للعز والرفد وبقاء للذكر، فإذا كانت الحاجات منتفية عن الله عز وجل علمنا أن اتخاذ الولد لا يجوز منه. وقد تبين أيضا من طريق العقل أنه لا كفء له ولا إله معه، فقال عز وجل: «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» فليس مع التضادّ نظام ولا مع الشركة استقامة.

ولما قالوا له صلّى الله عليه وسلم: كفرت أهل الكتب من النصارى ومشركي العرب بأيّتما آية يا محمد جعلت الإله واحدا؟ فأنزل الله عز وجل: «وَإِلهُكُمْ إِلهٌ


(١) في الأصل غير واضحة، وقد أثبتناها لاتفاقها مع سياق الكلام
(٢) يونس: ٦٨