للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت يوم بدر فقال: «قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ» «١» فغلبوهم وقهروا كما قال وإلى جهنم يحشرون كما أخبر، فصدق إخباره بالأول يشهد بالثاني، فتأمل هذه الأجوبة والأدلة المكشوفة الواضحة، وانظر كيف يذكر قصة بدر ويحتج عليهم بها ويجعل ذلك عن ربه لتعلم أنها قصة قد عرفها العدوّ والولي.

وباب آخر [حول الآية «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» ]

من آياته وهو قوله عز وجل: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ. لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ» «٢» .

فإن مسجد بيت المقدس قد كان غلب عليه الروم الدهور الطويلة واستولوا عليه مع ملكهم بالشام وأقاموا فيه الشرك ومنعوا من ذكر التوحيد فيه، وغلبت قريش على المسجد الحرام وغيرهم من مشركي العرب، وقد كان أبو بكر الصديق بنى مسجدا بمكة بفناء داره قبل الهجرة فكان يتلو فيه القرآن ويدعو إلى الله وإلى رسوله، وقد كان أجاره رجل من سادات قريش على أن يفعل ذلك.

فمشت قريش إلى الرجل الذي أجار أبا بكر، وهو معروف ولكن لم يحضرني اسمه في هذا الموضع [٣] ، فذكروا له محل أبي بكر وحلمه وبيانه ولطفه، وأنه يمر به القيان والعبيد والنسوان فيسمعون دعاءه فلا يلبثون أن يجيبوه إلى


(١) آل عمران. ١٣
(٢) البقرة. ١١٤