للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ» «١» .

فتلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم هذه على الناس وأخبرهم بما كان من المنافقين وبما أسرّوه إلى اليهود ونادى بفضحهم، ثم أخرج بني النضير من ديارهم وأجلاهم فلم يخرج معهم عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه كما ضمن لهم وقد قاتلهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم فما نصروهم.

فتأمل كيف أخبر بما أسرّوا وبما تراسلوا وبما قد كان من كيدهم ومحالا يكون إن لو كان كيف كان يكون، ثم كان جميع ذلك كما أخبر وكما فصل، وفي هذا غيوب كثيرة لا تكون لاحد من المتخرصين، إلا لنبيّ صادق من الله.

ولقد ركب صلّى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة يعوده من مرض أصابه على حمار عليه أكاف فوقه قطيفة فدكيّة مختطمة بحبل من ليف، وأردف أسامة بن زيد ابن حارثة، فمر صلّى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل مزاحم أطمه وحوله خلق كثير من المشركين ومن اليهود ومن المنافقين، وكان فيهم من المسلمين عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع وخارجة بن زيد بن أبي زهير وبشير بن سعد فتذمم رسول الله صلّى الله عليه وسلم من أن يتجاوزه حتى ينزل، فنزل فسلم ثم جلس فقرأ القرآن، / ودعا إلى الله عز وجل، وذكّر به، وحذّر وبشّر وأنذر، وعبد الله زامّ لا يتكلم حتى فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مقالته، فقال


(١) الحشر ١١- ١٢