للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعمل له على الاتعاب بالمدينة وضبطها له، وغزا معه، وأشار عليه، ونفذ وصيته في عمر، وأطاعه أحسن طاعة، وخلفه على المدينة غير مرة، وصاهره، وأتى في طاعته ومزضاته ما يطول ذكره، وأدخله في الشورى فدخل، وجعله رعية لصهيب فقبل، وردّه إلى عبد الرحمن فرجع، وغير ذلك مما يطول شرحه؛ فكيف يقول: لا أسير بسيرة أبي بكر وعمر، أو يصدق عاقل سمع الأخبار مثل هذا الظن؟ ومن ذا الذي يدع المعروف المشهور بالمكاتبات ويرجع عن المعروف بمجهول التأويل.

وإنما قال ذلك «١» ، لأن كتاب الله وسنة نبيه لا يحتمل الزيادة ولا النقص البتة.

وسنة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر الذي قال له عبد الرحمن هو اجتهادهما في الدين وحياطته وحفظه، والزهد والعفاف الذي هو مشهور عنهما، فلو قال نعم للزمه الدخول في ذلك من غير زيادة ولا نقص، وقد لا يجد الشخص من نفسه القيام بما يقوم به غيره، ثم الفتيا في المسائل التي ليس فيها نص كتاب ولا سنة والعمل فيها بالقياس والاجتهاد من الإمام ما كان يمكنه التقليد فيه وترك نفسه من الاجتهاد، ولهذا المعنى أشار، وله أراد، هذا لا يشك فيه من له فطنة ولا دراية، والله أعلم. / وأيضا فليس ها هنا إلا أنه قيل إن عبد الرحمن قال لعلي تقضي بسنة أبي بكر وعمر.

لأنه جاء أن عمرو بن العاص أتى عليّا ليالي الشورى فقال له: إن عبد الرحمن رجل مجتهد، وإنه متى أعطيته العزيمة كان أزهد له فيك، ولكن الجهد والطاقة فإنه أرغب له فيك، ثم لقي عمرو بن العاص عثمان فقال


(١) كتب في الأصل: حاشية