للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العزيز الرحيم. وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون» .

فلما نزلت هذه الآية تلاها رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ابي بكر الصديق، وبشره وبشر المسلمين؛ فخرج ابو بكر الى المشركين وأخبرهم بذلك وتوعدهم وجادلهم وأغضبهم وأغاظهم. فقال أبيّ بن خلف: والله لا تغلب الروم اهل فارس ولا تخرجنهم من أرضهم. فقال ابو بكر: بل تغلبهم وتخرجهم، فإن شئت بايعتك، فبايعه على تسع من الإبل الى ثلاث سنين. ثم دخل ابو بكر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: انها سبع سنين فزده في الخطر «١» ومدّ في الأجل.

فرجع ابو بكر الى أبيّ بن خلف فاستقاله فأقاله، وقال: ان الذي يجيء به صاحبك باطل. فعاوده ابو بكر المبايعة وزاد في الأجل اربع سنين، وزاد في الخطر/ ثلاثا من الإبل، وأخذ أبي ابا بكر بكفيل، لأن ابا بكر على الهجرة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد كان يذكر هذا وقد بدأ في فرار المسلمين بأديانهم، فأقام له ابو بكر عبد الله ابنه كفيلا، وأخذ ابو بكر أبي بن خلف بذلك فأقام له ابنا كفيلا، فأخرجت الروم فارس من أرضها يوم الحديبية، فأخذ عبد الله بن ابي بكر من أبي بن خلف وكان الخطر إذ ذاك مباحا طلقا.

فانظر كم في هذا من دلالة وآية بينة، وأنه اخبر ان الروم ستغلب فارس، وأن ذلك سيكون بعد سبع سنين، فكان كما اخبر وعلى ما فصل


(١) تخاطر: تراهن، والخطر: السبق يتراهن عليه.