للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ، أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً؟) «١» وتوعدوه بكثرتهم وعزهم وأموالهم، ووثقوا بذلك، وغرهم ما رأوا من ضعف رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووحدته وتوعدهم رسول الله وهو في تلك الحال، فأنزل الله (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) فكان كما أخبر وكانت العقبى له.

فتأمل الامر في ذلك تجده عظيما لأنه توعدهم بالحرب قبل الحرب وقبل الجماعة وفي حال الضعف، وهو معهم وفي أسرهم وفي قبضتهم، فبعثهم على قتله واستئصاله، وهيّجهم على بذل المجهود واستفراغ الوسع في مكارهه، وهذا لا يقع من عاقل إلا ان يكون واثقا بالله، ساكنا الى تنزيله ووحيه.

واذا وفّيت النظر حقه لم تجد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم في اخوانه من النبّيين والمرسلين صلوات الله عليهم اجمعين نظيرا في الضعف والوحدة، ومن خالف قومه تلك المخالفة وهاجهم وأسخطهم ذلك الاسخاط، واخبرهم بما سيكون من قوته وغلبة الجبابرة من الأمم قبل ان يكون ذلك او يكون له امارة تقتضى، فصارت الامور في القوة والظهور الى ما قال، فابتدأ ابتداء الشمس وامتدّ امتداد النهار.

باب [ما كان بمكة حين بكى الرسول عليهم قوله تعالى: اقتربت الساعة]

مما كان بمكة، حين تلا عليهم سورة «اقتربت الساعة» وقص عليهم أمة أمة من الذين كذبوا الرسل، وما نزل بهم من النكال والبوار، الى ان انتهى الى قوله: (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ


(١) سورة ص ٦