للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه أن سراقة قال: ركبت فرسي فرفعتها تقرّب بي حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي، واستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها: أضرّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره: فركبت فرسي- وعصيت الأزلام- تقرّب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت له: إنّ قومك قد جعلوا فيك الدّية، وأخبرتهم «١» أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت «٢» الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قالا: اخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. انتهى.

وقال محمد بن إسحاق في «السير» (١: ٤٨٩- ٤٩٠) : حدثني الزهريّ أن عبد الرّحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمّه سراقة حديثه حين اتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال فيه: فعرفت حين رأيت ذلك- يعني ما ظهر له في فرسه- أنه قد منع مني، وأنه ظاهر، قال: فناديت القوم: أنا سراقة بن جعشم انظروني أكلمكم، فو الله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه. قال:

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأبي بكر: قل له ما تبتغي منا؟ فقال لي ذلك أبو بكر، فقلت: اكتب لي كتابا يكون بيني وبينك آية، قال: اكتب له يا أبا بكر، قال: فكتب لي كتابا في عظم، أو في رقعة أو في خزفة، ثم ألقاه إليّ فأخذته، فجعلته في كنانتي ثم رجعت، وهذا خلاف ما رواه البخاري عن الزهري أيضا من أن عامر بن فهيرة هو الذي كتب الكتاب، فالله أعلم أي ذلك كان.


(١) م ط: وأخبرته.
(٢) م ط: وعرضت عليهم.

<<  <   >  >>