للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس منية عارف

فإن ثواب الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف

فقالوا: هذان والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة.

قال أبو عمر رحمه الله تعالى (٥٩٦) وإليهما أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الخندق دون سائر الأنصار لأنهما كانا سيدي قومهما: كان سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج، فشاورهما فيما أراد أن يعطيه عيينة بن حصن من تمر المدينة لينصرف بمن معه من غطفان ويخذّل الأحزاب، فقالا:

يا رسول الله إن كنت أمرت بشيء فافعله وامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف، فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم: لم أومر بشيء، ولو أمرت بشيء ما شاورتكما، إنما هو رأي أعرضه عليكما، فقالا: والله يا رسول الله ما طمعوا بذلك منا قطّ في الجاهلية، فكيف اليوم وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأيّدنا، والله لا نعطيهم إلا السيف، فسرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقولهما، وقال لعيينة بن حصن ومن معه: ارجعوا فليس بيننا وبينكم إلا السيف. انتهى.

قلت: وكانت راية رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم الفتح بيده ثم انتزعها رسول الله صلّى الله عليه وسلم من يده ودفعها لقيس ولده، وقيل لعلي بن أبي طالب في قصة تقدمت مستوفاة في الفصل الثالث عند ذكر ولده قيس.

وقال أبو عمر ابن عبد البر (٥٩٥) كان سعد سيدا في الأنصار، مقدما وجيها، له رياسة وسيادة يعترف له قومه بها. يقال إنه لم يكن في الأوس والخزرج أربعة مطعمون متتالون في بيت واحد إلا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم. وعن نافع قال:

مرّ ابن عمر على أطم سعد فقال لي: يا نافع هذا أطم جده لقد كان مناديه ينادي يوما في كلّ حول من أراد الشحم واللحم فليأت دار دليم، فمات دليم فنادى منادي عبادة بمثل ذلك، ثم مات عبادة، فنادى منادي سعد بمثل ذلك، ثم قد رأيت قيس بن سعد يفعل ذلك.

<<  <   >  >>