للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاليا ممتلئا بشعور ديني جارف ينبض به قلب الشاعر ذاته، إذ يحكي عن البشائر التي بشرت في الشرق والغرب بالنور الذي انشق وسط الجزيرة العربية هذا النور الذي هزّ أنفس الطاغين وقلوبهم، وبدد أحلام البغاة وتصدعت شرفات الأيوان من صدمة الحق، ويستطرد شوقي في وصف يوم ميلاد الرسول فيقول: إنه قد أحاطه الظلام من كل جانب، ولكن نور هذا المولد العظيم قد بدد هذا الظلام الدامس، وأطل فجر الحق من هذا الظلام نورا ليهدي السبيل، وينير الطريق أمام المظلومين، ويظهر الحق ويبين العدل أمام الظالمين المستبدين، وهنا نستطيع أن نقول: أن الإمام البوصيري على الرغم من شاعريته وعاطفته وأسلوبه ورفاهة أغلب أجزاء القصيدة إلا أنه وقف موقفا كان فيه مفكرا بعقل العالم وقلب المؤرخ فأراد أن يكون علميا دقيقا إزاء ما ورد على خاطره حول مولد الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يضيف ولا يتطرق للحذف، ولا يطمح الشاعر طموحا حادا فيكون إماما للمسلمين بل هو موصل جيد دقيق لأحداث مولد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم.

أما أحمد شوقي فلم يعبأ بالدقة العلمية وان لم يتجاهلها فقد امتص كل المعلومات التاريخية المعروفة عن المعجزات التي صاحبت مولد الرسول الكريم وهضمها في وجدانه هضما جيدا وجعلها تمر من خلال عاطفته الإسلامية الجياشة المتفجرة بحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهاجت به الأشواق وفاض معين الشعر بأبيات مملوءة بالعاطفة نسجها مشبعا بالحب والوجد والعشق لذكرى الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ولذكرى مولده، ولما حدث انذاك من معجزات.

٥- في اظهار معجزات الرسول صلّى الله عليه وسلّم: -

بدأ كعب مدح الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بسؤاله التمهل والإشفاق ويضيف بأنه قد أعطاه الله نافلة القران (والنافلة هي العطية والعطية هي ما يعطاه الإنسان زيادة عن باقي الخلق) وفي القران مواعظ وتفصيل بين دفتيه يجد الإنسان العظة والعبرة وبين دفتيه يجد تفاصيل ما حدث في سالف الأزمان بقصد العظة والعبرة ولم يتحدث كعب عن معجزات الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلا عن

<<  <   >  >>