للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبيّ: فهذا ناسخ لما في صحيح مسلم أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم زار قبر أمّه وقال: «استأذنت ربّي أن أزور قبرها فأذن لي، فاستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي» «١» .


يصحّ، وجدته بخطّ جدّي أبي عمران أحمد بن أبي الحسن القاضي- رحمه الله- بسند فيه مجهولون، ذكر أنّه نقله من كتاب، انتسخ من كتاب معوّذ بن داود الزّاهد، يرفعه إلى ابن أبي الزناد عن عروة) . وأنكر ابن كثير في «البداية والنّهاية» ، ج ٢/ ٢٨١ ما رواه السّهيلي، وقال: (حديث منكر جدّا، وإن كان ممكنا بالنّظر إلى قدرة الله تعالى، لكنّ الّذي ثبت في الصّحيح يعارضه، والله أعلم) . وقال السّيوطيّ: ذكر كثير من الحفّاظ أنّ الحديث ضعيف، تجوز روايته في الفضائل والمناقب، لا موضوع، كالخطيب وابن عساكر وابن شاهين والسّهيلي والمحبّ الطّبري والعلّامة ناصر الدّين ابن المنيّر وابن سيّد النّاس، ونقله عن بعض أهل العلم ... وقد جعل هؤلاء الأئمة هذا الحديث ناسخا للأحاديث الواردة بما يخالفه، ونصّوا على أنّه متأخّر عنها، فلا تعارض بينه وبينها. وقال في «الدرج المنيفة» : جعلوه ناسخا، ولم يبالوا بضعفه، لأنّ الحديث الضّعيف يعمل به في الفضائل والمناقب، وهذه منقبة، ولذلك جزم بعض العلماء بأنّ أبويه صلى الله عليه وسلم ناجيان وليسا في النار تمسّكا بهذا الحديث وغيره. (انظر شرح الزرقاني على المواهب اللّدنيّة، ج ١/ ١٦٨- ١٦٩) . وبصرف النّظر عمّا تقدّم فأبواه ناجيان نجاة أهل الفترة؛ وأهل الفترة ناجون إلّا من استثني، كما حقّق ذلك العلماء من الأشاعرة.
(١) أخرجه مسلم، برقم (٩٧٦/ ١٠٨) . عن أبي هريرة رضي الله عنه. قلت: إنّ عدم الإذن في الاستغفار لا يلزم منه الكفر، بدليل أنّه صلى الله عليه وسلم كان ممنوعا في أوّل الإسلام من الصّلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء، ومن الاستغفار له وهو من المسلمين، وتعليله أنّ استغفار النّبيّ صلى الله عليه وسلم مجاب على الفور، فمن استغفر له وصل عقب دعائه إلى منزله في الجنّة، والمديون محبوس عن مقامه حتّى يقضي دينه كما في الحديث،

<<  <   >  >>