للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بالعربيّة] ما شاء الله أن يكتب، وكان/ شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النّبيّ صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا هو النّاموس الأكبر الّذي نزّل الله تعالى على موسى «١» ، يا ليتني فيها جذعا «٢» ، ليتني أكون حيّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو مخرجيّ هم؟» قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلّا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا- أي: معانا-.

ثمّ لم ينشب ورقة- أي: لم يلبث- أن توفّي، وفتر الوحي «٣» .

(حتّى حزن النّبيّ صلى الله عليه وسلم [فيما بلغنا] حزنا شديدا، غدا منه يتردّى من رؤوس الجبال، فكلّما أراد أن يلقي نفسه تبدّى له جبريل، وقال: يا محمّد، إنّك رسول الله حقّا) «٤» .


(١) النّاموس: رسول الخير، والمراد به: جبريل عليه السّلام. وخصّ موسى لأنّ شريعته كانت أعمّ وأوفى من شريعة عيسى عليهما السّلام.
(٢) الجذع: الشّاب الحدث القويّ.
(٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٦٥٨١) . ومسلم برقم (١٦٠/ ٢٥٢) .
(٤) ما بين قوسين زيادة ليست على شرط الصّحيح، لأنّها من بلاغات الزّهريّ. وقد ذكرها البخاريّ لينبّهنا إلى مخالفتها لما صحّ عنده من حديث بدء الوحي، الّذي لم تذكر فيه هذه الزّيادة، وهي من قبيل المنقطع، والمنقطع من أنواع الضّعيف. (فتح الباري، ج ١٦/ ١٢) . قلت: إنّ ما اشتهر من سيرته صلى الله عليه وسلم يردّ ذلك، فقد حدث له أثناء دعوته النّاس أشدّ وأقسى من هذه الحالة، ولم يفكّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانتحار، بأن يلقي نفسه من شاهق جبل. وسنرى فيما يأتي من الكتاب أنّه لمّا

<<  <   >  >>