للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنزل الله تعالى: وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى إلى آخر السّورة «١» .

[حجب الشّياطين عن استراق السّمع عند مبعثه صلى الله عليه وسلم]

وفي «الصّحيحين» ، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه، عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشّياطين وبين خبر السّماء، وأرسلت عليهم الشّهب/، فرجعت الشّياطين، فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السّماء، وأرسلت علينا الشّهب، فقالوا: ما حال بينكم وبين خبر السّماء إلّا أمر حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانطلق الّذين توجّهوا منهم نحو (تهامة) ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ب (نخلة) «٢» ، يصلّي بأصحابه صلاة الفجر، فلمّا سمعوا القرآن عجبوا له، وقالوا: هذا الّذي حال بينكم وبين خبر السّماء، ورجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا، إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً [سورة الجنّ ٧٢/ ١- ٢] فأنزل الله تعالى على نبيّه: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ [سورة الجنّ ٧٢/ ١] «٣» .

[دعوة النّبيّ صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام سرّا]

ولمّا بعث صلى الله عليه وسلم أخفى أمره، وجعل يدعو أهل (مكّة) ، ومن أتى إليها سرّا، فامن به ناس من ضعفاء الرّجال والنّساء والموالي، وهم أتباع الرّسل؛ كما في حديث أبي سفيان عن هرقل، فلقوا من المشركين في ذات الله تعالى أنواع الأذى، فما ارتدّ أحد منهم عن دينه، ولا التوى، ولذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: «إنّ هذا الدّين


(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٤٦٦٧) . عن جندب بن سفيان رضي الله عنه.
(٢) موضع بالحجاز قريب من مكّة فيه نخل وكروم.
(٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٧٣٩) . ومسلم برقم (٤٤٩/ ١٤٩) .

<<  <   >  >>