للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر، حتّى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته» ثمّ استعبر صلى الله عليه وسلم باكيا «١» ، فقال له:

يا ابن أخي، قل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا «٢» .

وفي ذلك يقول أبو طالب، [من الكامل] «٣» :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتّى أوسّد في التّراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... وابشر وقرّ بذاك منك عيونا «٤»

ودعوتني وعرفت أنّك ناصحي ... ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا

وعرضت دينا قد علمت بأنّه ... من خير أديان البريّة دينا

لولا الملامة أو حذار مسبّة ... لو جدتني سمحا بذاك مبينا


(١) استعبر: جرت دمعته. قلت: يا لقوّة الإيمان، ويا لعظمة النّفس البشريّة، ويا لجلال البطولة!! رجل يظنّ أنّه تخلّى عنه ناصره الوحيد من أهله، وهو وأصحابه في غمرات متتابعة من الأذى والبلاء، وتألّب رؤساء الشّرك عليه، ثمّ يقف هذا الموقف الفذّ العظيم!! إنّ هذا في منطق العقل يستحيل أن يكون مدّعيا أو كاذبا أو بشرا من عامّة البشر؛ ما هذا إلّا نبيّ كريم، ورجل بالغ أسمى درجات الثّقة بالله ربّ العالمين. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
(٢) أخرجه البيهقيّ في «دلائل النّبوّة» ، ج ٢/ ١٨٧.
(٣) دلائل النّبوّة، ج ٢/ ١٨٨.
(٤) اصدع بأمرك: بيّنه واجهر به. أمرك: ما أمرك الله به من دعوة المشركين إلى عبادته وحده سبحانه. غضاضة: منقصة أو عيب. قرّت عين فلان: سرّ ورضي.

<<  <   >  >>