للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيّدت دينك يا ربّ العلا أبدا ... بناصر لملوك الأرض قد ضهدا

أعني به عامرا شمس الملوك فكن ... نصيره أبدا في كلّ ما قصدا

وناصرا ومعينا فهو شمس ضحى ... أخفى نجوم ملوك الأرض منذ بدا

سمّيته عامرا لمّا أردت به ... صلاح دينك إرغاما لمن جحدا

انتهى كلام السّخاويّ «١» .

قال عنه العيدروس في «النّور السّافر» : (ما رأيت أحدا من علماء (حضر موت) أحسن ولا أوجز عبارة منه، وله نظم حسن، وهو أحد من جمع بين ديباجتي النّظم والنّثر، فنثره منثور الرّياض جاد بها السّحائب، ونظمه منظوم العقود زانتها النّحور والتّرائب) «٢» .

وهو الّذي يقول هذه الأبيات مجيبا لبعض الفضلاء الممتحنين له من أهل زمانه:

يا من أجاد غداة أنشد مقولا ... وأفاد من إحسانه وتفضّلا

إن كنت ممتحني بذاك فإنّني ... لست الهيوبة حيثما قيل انزلا

وإذا تبادرت الجياد بحلبة ... يوم النّزال رأيت طرفي أوّلا

قسما بايات البديع وما حوى ... من صنعتيه موشّحا ومسلسلا

لو كنت مفتخرا بنظم قصيدة ... لبنيت في هام المجرّة منزلا

من كلّ قافية يروق سماعها ... ويعيد سحبان الفصاحة باقلا

وترى لبيدكم بليدا قلبه ... حصرا وينقلب الفرزدق أخطلا

وعلى جرير نجرّ مطرف تيهنا ... ومهلهلا نبديه نسج مهلهلا

ولئن تنبّى ابن الحسين فإنّني ... سأكون في تلك الصّناعة مرسلا

أظننت أنّ الشّعر يصعب صوغه ... عندي وقد أضحى لديّ مذلّلا

أبدي العجائب إن برزت مفاخرا ... أو مادحا للقوم أو متغزّلا

لكنّني رجل أصون بضاعتي ... عمّن يساوم بخسها متبذّلا

وأرى من الجرم العظيم خريدة ... حسناء تهدى للّئيم وتجتلى

ما كنت أحسب عقربا تحتكّ بال ... أفعى ولا جذعا يزاحم بزّلا

وأنا الغريب وأنت ذاك وبيننا ... رحم يحقّ لمثلها أن توصلا

ولقد أجاد فيها كلّ الإجادة- ولله درّه- ولا يبعد أنّ براعته في الشّعر لمعنى إرثي من إمامه


(١) الضوء اللّامع، ج ٨/ ٢٢٥٣ ز ٠- ٢٥٤.
(٢) تاريخ النّور السّافر عن أخبار القرن العاشر، ص ١٣٣.

<<  <   >  >>