للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زاد مسلم والنّسائيّ: أنّه لمّا همّ بذلك رأى بينه وبينه خندقا من نار، وهولا وأجنحة، فنكص على عقبيه، وهو يتّقي بيديه، وأخبرهم بما رأى، فأنزل الله تعالى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى إلى قوله: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى، ثمّ توعّده بقوله تعالى:

كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ إلى قوله: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ، ثمّ أمر رسوله بالسّجود غير مكترث به، فقال: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [سورة العلق ٩٦/ ٩- ١٩] «١» .

[الهجرة الأولى إلى الحبشة]

وفي السّنة الخامسة من مبعثه صلى الله عليه وسلم: رأى شدّة ما بأصحابه من البلاء، وما نالهم في دين الله من الأذى، فأمرهم بالمهاجرة إلى (الحبشة) ، وقال لهم: «إنّ بها معاشا وسعة، وملكا عادلا لا يسلم جاره» «٢» .

فهاجر إليها عثمان بن عفّان، ومعه امرأته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزّبير بن العوّام، وعبد الرّحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وجماعة من الصّحابة رضي الله عنهم «٣» .


(١) أخرجه مسلم، برقم (٢٧٩٧) . عن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحوه. سندع الزّبانية: سندعو له من جنودنا القويّ المتين، الّذي لا قبل له بمغالبته، فيهلكه في الدّنيا أو يرديه في النّار في الآخرة وهو صاغر (أنصاريّ) .
(٢) أخرجه البيهقيّ في «سننه» ، ج ٢/ ٣٢٨. بنحوه.
(٣) خبر هجرة ابن مسعود في «الطّبقات» لابن سعد، ج ٣/ ١٥١، وأنّه هاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعا في رواية أبي معشر ومحمّد بن عمر. والصّواب: أنّه إنّما كان في الهجرة الثّانية، (انظر شرح المواهب اللّدنيّة، للزرقاني، ج ١/ ٢٧٠) . قلت: وعدد الّذين هاجروا الهجرة الأولى حسبما ذكر ابن هشام عشرة رجال. عثمان بن

<<  <   >  >>