للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترجمة السّلطان مظفّر بن محمود بايقرا الكجراتي

المهدى إليه هذا الكتاب هو السّلطان الفاضل العادل المحدّث الفقيه مظفّر بن محمود بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن المظفّر الكجراتي، أبو النّصر شمس الدّين مظفّر شاه. صاحب الرّئاستين «١» .

ولد في العشرين من شوّال سنة خمس وسبعين وثمان مئة في (كجرات) من بلاد الهند.

ونشأ في مهد السّلطنة، ورضع من لبان العلم وترعرع. وقرأ على مجد الدّين الإيجي العلّامة، وأخذ الحديث عنه. وعن الشّيخ المحدّث جمال الدّين محمّد بن عمر بن مبارك الحميريّ الحضرميّ الشهير ب (بحرق) ، وتدرّب في الفنون الحربيّة، حتّى فاق أسلافه في العلم والأدب، وفي كثير من الفعال الحميدة.

قام بالملك بعد والده في شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسع مئة.

كان غاية في التّقوى والعزيمة، والعدل والسّخاء، والنّجدة والجهاد، والعفو والتّسامح عن النّاس؛ ولذلك لقّبوه بالسّلطان الحليم.

وكان جيّد القريحة، سليم الطّبع، حسن المحاضرة، خطّاطا جيّد الخطّ، كان يكتب النّسخ والثّلث والرّقاع بكمال الجودة، وكان يكتب القرآن الحكيم بيده ثمّ يبعث به إلى الحرمين الشّريفين، وحفظ القرآن في أيّام الشّباب.

وكان يقتفي آثار السّنّة السّنيّة في كلّ قول وفعل، ويعمل بنصوص الأحاديث النّبويّة، وكثيرا ما يذكر الموت ويبكي، ويكرم العلماء ويبالغ في تعظيمهم.

ولم يزل يحافظ على الوضوء ويصلّي بالجماعة ويصوم رمضان، ولم يقرب الخمر قطّ، ولم يقع في عرض أحد، وكان يعفو ويسامح عن الخطّائين، ويجتنب الإسراف والتّبذير، وبذل الأموال الطّائلة على غير أهلها.

وكان كثير التفحّص عن أخبار النّاس، عظيم التحسّس عن أخبار الممالك، وربّما يغيّر زيّه ولباسه ويخرج من قصره آناء اللّيل والنّهار، ويطّلع على الأخبار ويستكشف الأسرار.


(١) أي: رئاسة السّيف والقلم.

<<  <   >  >>