للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله في الرّواية الآتية: «فما ركبك عبد أكرم على الله من محمّد» ، لكن في ظاهر قول أهل كلّ سماء: (وقد بعث إليه) ، إشكال لعدم علمهم ببعثه إلّا بعد مضيّ هذه المدّة، مع كثرة تردّد جبريل فيها، وانتشارها عند أهل الأرض، فضلا عن أهل السّماء. وأجاب بعضهم: بأنّه سؤال عن البعث إليه للعروج المتوقّع عندهم لقوله:

(إليه) ، وهو جواب حسن.

وإنّما لم يفتح له قبل مجيئه ليعلم أنّه إنّما فتح من أجله، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا أوّل من يقرع باب الجنّة» «١» .

والحكمة في الإسراء به إلى (بيت المقدس) ما ذكره كعب الأحبار: أنّ باب السّماء الّذي يسمّى (مصعد الملائكة) يقابله (بيت المقدس) ، كما أنّ (البيت المعمور) مقابل (الكعبة) .

وأيضا ليحوز صلى الله عليه وسلم فضل شدّ الرّحال إلى المساجد الثّلاثة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه» يحتمل أيضا أنّهم لا يخرجون منه، فيكون في ذلك دلالة على سعته، وعلى كثرة جنود الله تعالى، والله أعلم بالصّواب.

وعندهما-[أي: البخاريّ ومسلم]- أنّ كلّ نبيّ قال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح، إلّا آدم وإبراهيم- عليهما السّلام- فقالا له: والابن الصّالح «٢» .


(١) أخرجه مسلم، برقم (١٩٦/ ٣٣١) . عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) وهذه رواية البخاريّ ومسلم من طريق ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه. قلت: لقد اقتصر الأنبياء الّذين لقيهم صلى الله عليه وسلم في السّماء على وصفه بصفة الصّلاح، لأنّ فيها جماع الخير كلّه، والصّالح هو الطّيّب في نفسه، الّذي يقوم بما عليه من حقوق الله وحقوق العباد.

<<  <   >  >>