للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى. وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى.

[سورة النّجم ٥٣/ ١- ٤] ، إلى قوله: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى [سورة النّجم ٥٣/ ١٨] .

فأقسم تعالى بالنّجم، وهو الثّريا. إذا هوى- أي: سقط للغروب- على نفي الضّلال عنه صلى الله عليه وسلم والغيّ المستلزم، لإثبات/ الهدى والرّشد، وعلى صدقه فيما أخبر، ونفي النّطق عن الهوى، وأنّ ذلك وحي يوحى إليه من الله سبحانه، علّمه إيّاه جبريل شديد القوى.

ثمّ لمّا كان ما أوحى إليه في تلك اللّيلة من عظيم ملكوته لا تحيط به العبارة رمز إليه بالإشارة، فقال: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى

[سورة النّجم ٥٣/ ١٠] ، ثمّ أخبر عن تصديق فؤاده- وهو: قلبه- بما رأى بصره من آيات ربّه الكبرى بقوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى [سورة النّجم ٥٣/ ١١]- أي: بما رآه البصر-، وعن حسن أدبه، وعدم التفات قلبه إلى غير ربّه بقوله: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى [سورة النّجم ٥٣/ ١٧] فقد اشتملت هذه الآيات الكريمة على تزكية لسانه صلى الله عليه وسلم وبصره وفؤاده، فزكّى لسانه بقوله: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى، وبصره بقوله: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى، وفؤاده، بقوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى.

[الخلاف في رؤية النّبيّ صلى الله عليه وسلم ربّه ليلة الإسراء]

وصحّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى:

وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى [سورة النّجم ٥٣/ ١٣] أنّه قال: (رأى محمّد ربّه بعيني رأسه وكلّمه من غير حجاب) «١» .

قال العلماء: ولا يقول ذلك ابن عبّاس إلّا بتوقيف، فسبيله سبيل


(١) الشّفا، ج ١/ ٣٧٦. وبه قال أنس وعكرمة والرّبيع.

<<  <   >  >>