للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحمزة، وقطعوا كبده، فلمّا نظر إليه صلى الله عليه وسلم كذلك ترحّم عليه وأثنى عليه، ثمّ قال: «والله، لئن أظفرني الله بهم لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك» «١» ، ثمّ ذكر قول الله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [سورة النّحل ١٦/ ١٢٦- ١٢٧] .

فاختار الصّبر كما أمره الله تعالى، وكان ينهى عن المثلة.

[دفن الشّهداء]

ثمّ إنّه صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشّهداء بدمائهم، ولم يغسّلهم، ولم يصلّ عليهم، وقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة» - أي: لهم- وكان يجمع بين الرّجلين في ثوب واحد، ثمّ يقول: «أيّهم أكثر أخذا للقرآن؟» ، فإذا أشير له إلى أحدهما قدّمه في اللّحد «٢» .

[ما نزل من القرآن في يوم أحد]

وأنزل الله فيهم: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآيات [سورة آل عمران ٣/ ١٦٩- ١٧٠] .

وأنزل الله تسلية للمؤمنين وتقوية لعزائمهم: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ- أي: يوم (بدر) - وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ [سورة آل عمران ٣/ ١٣٩- ١٤٠] .

ودلّهم على وجه الحكمة فيما قضاه وقدّره/ عليهم بقوله تعالى:

وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا- أي: يظهر إيمانهم ويميّزهم


(١) أورده الهيثميّ في «مجمع الزّوائد» ، ج ٦/ ١١٩. عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (١٢٧٨) .

<<  <   >  >>