للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا عدوّ الله، لا تدخلها إلّا بإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتّى تعلم أنّه الأعزّ وأنت الأذلّ، ولئن أمرني رسول الله لأضربنّ عنقك.

فأرسل إليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن خلّ عنه، فخلّى عنه، وأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إن شئت أن آتيك برأسه فمرني بذلك؟ فقال:

«بل نعاشره معاشرة حسنة حتى يموت أو نموت، لئلا يتحدّث النّاس أنّ محمّدا يقتل أصحابه» «١» .

فعامله صلى الله عليه وسلم بالإحسان مدّة حياته، وكفّنه في قميصه بعد وفاته، واستغفر له قبل أن ينهى عنه، وقام على قبره وأراد أن يصلّي عليه، فنهي بنزول قوله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ [سورة التّوبة ٩/ ٨٤] .

[حديث الإفك]

وأمّا حديث الإفك فروى البخاريّ ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، فأنا أحمل في هودجي، فلمّا دنونا من (المدينة) ، آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالرّحيل، فقمت لأقضي حاجتي، فأبطأت، فأقبل الرّهط الّذين كانوا يرحلوني «٢» ، فاحتملوا الهودج، فرحلوه على بعيري، وهم يحسبون أنّي فيه، فجئت المنزل فإذا ليس فيه أحد، فجلست مكاني، وكان صفوان بن المعطّل قد تخلّف عن الرّكب، فأصبح بالمنزل، فلمّا رآى سوادي عرفني، فاسترجع «٣» ، فو الله ما كلّمني كلمة، ثمّ أناخ راحلته لي، فركبتها، وأخذ بزمامها يقود بي حتّى


(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٤٦٢٤) ؛ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢) رحل البعير: جعل عليه الرّحل. والرّحل: ما يوضع على ظهر البعير للرّكوب.
(٣) أي قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

<<  <   >  >>