للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا» .

فقام سعد بن معاذ سيّد الأوس، فقال: أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة- وكان رجلا صالحا، ولكن احتملته الحميّة- فقال لسعد بن معاذ: كذبت، والله لا تقتله ولا تقدر على ذلك، فتثاور الحيّان «١» في المسجد حتّى همّوا أن يقتتلوا، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفّضهم حتّى سكتوا.

قالت: وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثمّ بكيت ليلتي المقبلة.

قالت: وأصبح عندي أبواي، وقد بكيت ليلتين ويوما «٢» ، حتّى أظنّ أنّ البكاء فالق كبدي.

قالت: فبينما هما عندي وأنا أبكي، إذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلّم، ثمّ جلس عندي، قالت: ولم يجلس عندي من يوم قيل ما قيل، وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء «٣» ، فتشهّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ قال: «أمّا بعد: يا عائشة، فإنّه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممت


(١) تثاور الحيّان: نهض بعضهم إلى بعض من الغضب.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ، ج ٨/ ٤٧٤: أي: اللّيلة الّتي أخبرتها فيها أمّ مسطح الخبر، واليوم الّذي خطب النّبيّ صلى الله عليه وسلم النّاس، واللّيلة الّتي تليه.
(٣) قال السّهيليّ في «الرّوض الأنف» ، ج ٤/ ٢٣: كان نزول براءة عائشة رضي الله عنها بعد قدومهم المدينة بسبع وثلاثين ليلة في قول بعض المفسّرين، وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» ، ج ١/ ٤٧٥: عن ابن حزم: أنّ المدّة كانت خمسين يوما أو أزيد. والله أعلم.

<<  <   >  >>