للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وفد عبد القيس]

وفي السّنة السّابعة في رجب منها: قدم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم من (البحرين) وفد عبد القيس «١» ، ورئيسهم الأشجّ، فلمّا دخلوا عليه، قال: «مرحبا بالقوم، غير خزايا ولا ندامى» «٢» ، وأمرهم ونهاهم، ثمّ قال للأشجّ: «إنّ فيك خصلتين يحبّهما الله: الحلم والأناة» «٣» .

[بناء المنبر وحنين الجذع]

وفيها-[أي: السّنة السّابعة] «٤» -: اتّخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم المنبر، وكان قبله إذا خطب يستند إلى جذع نخلة، فلمّا عدل عن الجذع إلى المنبر سمعوا للجذع صوتا كصوت العشار «٥» ، فارتجّ المسجد


(١) قلت: إنّ الّذي تبيّن لي أنّه كان لعبد القيس وفادتان؛ إحداهما: قبل الفتح، وكان ذلك سنة خمس. وثانيتهما: كانت في سنة الوفود، سنة تسع. (انظر «فتح الباري» ، ج ٨/ ٨٥) .
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (٤١١٠) . عن ابن عبّاس رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه مسلم، برقم (١٧/ ٢٥) . عن ابن عبّاس رضي الله عنهما. الأناة: التّثبّت وترك العجلة.
(٤) قلت: جزم ابن سعد بأنّ ذلك كان في السّنة السّابعة، وفيه نظر لذكر العبّاس وتميم فيه؛ وكان قدوم العبّاس بعد الفتح في آخر سنة ثمان، وقدوم تميم سنة تسع. وجزم ابن النّجّار بأنّ عمله كان سنة ثمان. وفيه نظر أيضا لما ورد في حديث الإفك في «الصّحيحين» ، عن عائشة، قالت: «فثار الحيّان الأوس والخزرج حتّى كادوا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنزل فخفضهم حتّى سكتوا» ، فإن حمل على التّجوّز في ذكر المنبر وإلّا فهو أصحّ ممّا مضى. وحكى بعض أهل السّير أنّه صلى الله عليه وسلم كان يخطب على منبر من طين قبل أن يتّخذ المنبر الّذي من خشب، ويعكّر عليه أنّ في الأحاديث الصّحيحة أنّه كان يستند إلى الجذع إذا خطب. (انظر «فتح الباري» ، ج ٢/ ٣٩٩) .
(٥) العشار: النّاقة الحامل الّتي مضت لها عشرة أشهر، ولا يزال ذلك اسمها إلى أن تلد.

<<  <   >  >>