للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعمرك إنّي يوم أحمل راية ... لتغلب خيل اللّات خيل محمّد

لكالمدلج الحيران أظلم ليله ... فهذا أواني حين أهدى وأهتدي «١»

هداني هاد غير نفسي ودلّني ... على الحقّ من طرّدت كلّ مطرّد

أصد وأنأى جاهدا عن محمّد ... وأدعى وإن لم أنتسب من محمّد

[نزول النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرّ الظّهران، وتحسّس قريش عليه]

ثمّ مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى نزل (مرّ الظّهران) في عشرة آلاف، فأدركت العبّاس الرّقّة لقريش، فركب بغلة النّبيّ صلى الله عليه وسلم في اللّيل بإذنه، رجاء أن يصادف أحدا يبعثه إلى قريش، فيطلبوا الأمان من النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فلقي أبا سفيان بن حرب في نفر من قريش، وقد كانوا خرجوا يتحسّسون الأخبار، فرأوا نيران الجيش واستنكروها، حتّى قال أبو سفيان: والله لكأنّها نيران أهل (عرفة) ، ولا شعور لهم بمخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم. فأخبرهم العبّاس الخبر، فقال له أبو سفيان: فما الحيلة؟ قال: الحيلة أن تردّ من معك ليخبروا أهل (مكّة) ، وتركب أنت معي حتّى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك.

[إسلام أبي سفيان على يد العبّاس رضي الله عنهما]

فركب معه ورجع أصحابه، فلمّا انتهى به إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال للعبّاس: «اذهب به إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتني به» ، فلمّا أصبح جاء به، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «ألم يأن لك يا أبا سفيان/ أن تسلم؟» ، قال: بلى، بأبي أنت وأمّي، ما أحلمك وأرحمك، وأسلم.

فقال له العبّاس: يا رسول الله، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر والخيلاء، فاجعل له شيئا، فقال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن» «٢» .

[عرض جيوش الرّسول صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان]

وفي «صحيح البخاريّ» ، أنّه صلى الله عليه وسلم قال للعبّاس: «احبس


(١) المدلج: الّذي يسير باللّيل.
(٢) أورده الهيثميّ في «مجمع الزّوائد» ، ج ٦/ ١٦٦.

<<  <   >  >>