للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه أن يصلّي بالنّاس]

وفيهما-[أي: الصّحيحين]- عن عائشة رضي الله عنها قالت: ثقل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «ضعوا لي ماء في المخضب «١» » ، ففعلنا، فاغتسل، فأغمي عليه، ثمّ أفاق، والنّاس عكوف في المسجد بصلاة العشاء الآخرة، فقال: «أصلّى النّاس؟» ، قلنا:

لا، هم ينتظرونك، فقال: «مروا أبا بكر فليصلّ/ بالنّاس» «٢» .

قالت: فراجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلّا أنّه لم يقع في قلبي: أن يحبّ النّاس بعده رجلا قام مقامه أبدا، ولا كنت أرى أنّه لن يقوم مقامه أحد إلّا تشاءم النّاس به، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر «٣» .

فأرسل [النّبيّ صلى الله عليه وسلم] إلى أبي بكر بأن يصلّي بالنّاس، فقال أبو بكر- وكان رجلا رقيقا-: يا عمر صلّ بالنّاس، فقال عمر:

أنت أحقّ بذلك، وصلّى أبو بكر بالنّاس تلك الأيّام.

ثمّ إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم- أي: بعد أيّام- وجد من نفسه خفّة، فخرج لصلاة الظّهر بين رجلين، وأبو بكر يصلّي بالناس، فلمّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخّر، فأومأ إليه [النّبيّ صلى الله عليه وسلم] بأن لا يتأخّر، وقال:

«أجلساني إلى جنبه» ، فأجلساه، فجعل أبو بكر يصلّي وهو يأتمّ بصلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والنّاس يأتمّون بصلاة أبي بكر- أي: كالمبلّغ لهم «٤» -.


(١) المخضب: وعاء من خشب أو حجر يغسل فيه الثياب.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (٦٣٣) . ومسلم برقم (٤١٨/ ٩٠) .
(٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٤١٨٠) . ومسلم، برقم (٤١٨/ ٩٣) .
(٤) أخرجه البخاريّ، برقم (٦٥٥) . ومسلم برقم (٤١٨/ ٩٧) .

<<  <   >  >>