للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدلّت الآية الكريمة بوعد الله الحقّ من أنّ هذه الأمّة لا بدّ أن يقيم الله لها خلفاء بعد نبيّها، يمكّن لهم الدّين الّذي ارتضى لهم ويبدّلهم من بعد خوفهم أمنا، وذلك إن كان في حقّ من بعد الخلفاء الأربعة الأئمّة فباطل اتّفاقا، وإن كان فيهم فهم الّذين صدق وعد الله فيهم، وتعيّن حينئذ صحّة خلافتهم، وصحّة ترتيبهم، لأنّ الطّرفين من الأربعة، وهما: أبو بكر وعليّ دون الوسط في تحقيق التّمكين الموعود في الدّين؛ إذ الصّدّيق رضي الله عنه إنّما قاتل أهل الرّدّة ليعودوا إلى ما كانوا عليه من الإسلام، وعلي رضي الله عنه إنّما قاتل الفئة الباغية لتفيء إلى أمر الله.

وحقيقة التّمكين في الدّين إنّما حصل في مدّة عمر وعثمان رضي الله عنهما، وإذا صدق الوعد الحقّ في الوسط، وجب صدقه في الطّرف الأوّل قطعا، وفي الآخر إجماعا.

وأمّا الحديث الشّريف: ففيه حكم منه صلى الله عليه وسلم بأنّ مدّة القائمين بالخلافة بعده- أي: على ما كان هو عليه صلى الله عليه وسلم- ثلاثون سنة، وذلك هو قدر مدّة الخلفاء الأربعة مع أيّام خلافة سيّدنا الحسن بن عليّ رضي الله عنهما.

لأنّ الصّدّيق رضي الله عنه بويع له بالخلافة في اليوم الّذي مات فيه رسول صلى الله عليه وسلم، في سقيفة (بني ساعدة) ، ثمّ بويع له البيعة العامّة من غد ذلك اليوم كما سبق.

[وفاة أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه]

وتوفّي رضي الله عنه لثمان ليال بقين من شهر جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة من الهجرة، فمدّة خلافته سنتان وشهران ونصف شهر، وسنّه رضي الله عنه يوم مات ثلاث وستّون سنة كسنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن معه في حجرته.

<<  <   >  >>