للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل في وفور عقله صلّى الله عليه وسلّم

وأمّا وفور عقله وذكاء لبّه صلى الله عليه وسلم: فمن تأمّل حسن تدبيره صلى الله عليه وسلم لأمور بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسته للخاصّة والعامّة، مع عجيب شمائله، وغريب سيره، فضلا عمّا نشره من العلم، وقرّره من الشّرع، وما علّمه الله من ملكوت سماواته وأرضه، وآيات قدرته، وأطلعه عليه ممّا كان وممّا سيكون، ومع ما خصّه الله به من جوامع كلمه، وبدائع حكمه، ومع التّأييد الإلهيّ والعصمة بالوحي السّماويّ، فإنّه يقتضي العجب، ويذهب به الفكر، ويعلم يقينا مصداق قوله تعالى تشريفا له وتكريما وتعظيما: وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

[سورة النّساء ٤/ ١١٣] .

وعن وهب بن منبّه- رحمه الله تعالى- قال: قرأت في أحد وسبعين كتابا، فوجدت فيها أنّ الله تعالى لم يعط جميع الأوّلين/ والآخرين من العقل في جنب عقل نبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم إلّا كحبّة رمل من رمال الدّنيا.

ولا شكّ أنّ العقل عنصر الأخلاق الشّريفة، ومنه ينبعث العلم والمعرفة، فبحسب عقله صلى الله عليه وسلم كانت علومه ومعارفه، وهو عليه الصّلاة والسّلام أحسن النّاس خلقا وعلما ومعرفة وعقلا، وذلك سجيّة فيه وطبعا

[وصف ما امتاز به النّبيّ صلى الله عليه وسلم في خلقه وخلقه]

وما أحسن قول صاحب البردة- رحمه الله تعالى- فيها، [من البسيط] «١» :


(١) البردة، في مدح النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ص ١٤.

<<  <   >  >>