للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهذا الكلام تعقَّب المؤلف فيه البيضاويَّ حيث قال في "تفسيره": والمزيِّن في الحقيقة هو الله تعالى؛ إذ ما من شيء إلا وهو فاعله، وَيدلُّ عليه قراءة (زَيَّنَ) على البناء للفاعل.

وقد نقل الشهاب في الحاشية كلام المؤلف بحرفه تقريباً ثم رده بقوله: وهذا كله من عدم التأمل؛ لأن الله تعالى نسب التزيين إلى نفسه في مواضعَ؛ كقوله: ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ [النمل: ٤] وفي مواضعَ إلى الشيطان كقوله: ﴿زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ [الأنفال: ٤٨] وفي مواضع ذكَره غيرَ مسمًّى فاعله كما هنا، فالتزيين إن كان بمعنى إيجادها وإبداعها ذاتَ زينة كما في قوله تعالى: ﴿زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ [الصافات: ٦] فلا شك أنّ فاعله هو الله عند النحويين والمتكلمين، وإن كان بمعنى التحسين بالقول ونحوه من الوسوسة كقوله تعالى: ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ﴾ [الحجر: ٣٩] فلا شك أنَّ فاعله عندهما الشيطان … ) إلى آخر ما قال (١).

ومن ذلك ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ فقد ذكر المؤلف في تفسيرها كلامًا نقله كلٌّ من الشهاب والآلوسي، وقد عزاه الآلوسي لبعض الأجلَّة، وبينما أطال الشهاب في تعقُّبه، اقتصر الآلوسي على القول: (وفيه ما فيه، فتأمل) (٢).

وإياه أراد الآلوسي بقوله عند تفسير قوله تعالى: ﴿مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ


(١) انظر: "حاشية الشهاب" (٢/ ٢٩٨).
(٢) انظر: "حاشية الشهاب" (٧/ ١٦٤)، و "روح المعاني" (٢١/ ٢٢٤).

<<  <  ج:
ص:  >  >>