للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واتَّضح أنه لا دخْلَ لمسألة خلْقِ العِباد أفعالَهم في هذا المقامِ؛ لأنَّ الكلامَ في الحمْد اللُّغوي، والمرجعُ فيه من وُثِقَ بعربيَّتِهم، وقد ثبتَ بالنَّقل الصريحِ والاستعمالِ الصحيح من قِبَلِهم عدمُ اختصاص الحمدِ به تعالى.

وأمَّا حمْلُ التَّعريفِ (١) على الجنْس دونَ الاستغراقِ فمنشَؤه أمرٌ آخَرُ، وهو أنَّ مقتَضَى مَقام الخطابةِ تخصيصُ (٢) حقيقةِ الحمد به تعالى تنزيلاً لأفْراد الحمدِ الثابتة لغيره بمَنزِلة العدَم (٣)، والقصدُ إلى هذا المعنى ظاهرٌ عند كونِ التعريفِ للجنْس دونَ الاستغراقِ؛ لأنَّه قد يكونُ عُرفياً كما في: جمَعَ الأميرُ الصَّاغةَ، ويساعده مقامُ الخطابة، فلا يوجدُ استيعابُ جميعِ الأفرادِ، فلا يتحققُ مقتَضَى المقام (٤).

والشُّكْرُ: بمقابَلةِ النِّعمة بالقول أو العمل (٥)، ولكونه (٦) بالفعل كما يكون بالقول قيل: دابَّةٌ شَكورٌ، إذا ظهَر سِمَنُه بأدنى عَلْفٍ له، وقال الله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: ١٣]، فهو أخصُّ من الحمدِ متعلَّقاً، وأعمُ منه مَورِداً، وهو اللِّسان والأركانُ.

ومُقابِل الشُّكرِ: الكُفْرانُ، ومقابِلُ الحمدِ: الذمُّ الذي يُقابل المدحَ على ما نصَّ


(١) في "ف" و"م": (التفريق)، وهو تحريف.
(٢) في "ف" و"م": (بتخصيص).
(٣) في هامش "ف": (أما كونه في مقابلة شيء واقترانه بقصد التعظيم فواحد منها غير معتبر في مفهومه اللغوي إنما اعتبار ذلك في معناه العرفي. منه).
(٤) في "ف": (الكلام).
(٥) في "م": (بالعمل).
(٦) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (أو لكونه)، والمثبت من "د".