للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليه الجوهريُّ (١)، ومِن هاهنا ظَهَر أنهما مترادفانِ لغةً، وأمَّا الجَنان فليسَ بمَوردٍ له؛ بل هو شرطٌ لكون القولِ شكراً، ولا دلالة في قول الشاعر:

أفادتْكُمُ النَّعماءُ منِّي ثلاثةً … يدِي ولساني والضميرَ المُحجَّبا (٢)

على استقلالِ كلٍّ منهما (٣) مَورداً.

ولمَّا كان الحمدُ في مقابَلة النِّعمة من شُعَب الشُّكر أَشْيَعَ لها وأدلَّ على مكانها لِمَا في آداب الجوارح من الاحتمال، جُعِل رأسَ الشُّكر والعُمدة، وقال : "الحَمدُ رَأسُ الشُّكرِ، ما شَكرَ اللهَ مَن لم يَحْمَدْهُ" (٤).

ورُفِعَ (الحمْدُ) بالابْتداء، وخبرُه (لله)، وأصلُه النَّصبُ على المصدر بإضمار فعْله؛ لكونهِ من المصادر التي حقُّها أنْ تكون كذلكَ، ولا يُذكر الفعلُ معها البتَّةَ؛ كـ: شُكراً وعَجباً، وقد قرئ (٥) على الأصل (٦)، والعدولُ إلى الرفع على الأوَّلِ للثَّبات؛ لِمَا في الفعل من التجدُّد؛ لِدلالتِه على الأزمنة، ولذلك كانت تحيةُ إبراهيمَ أحسنَ في قوله تعالى: ﴿قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ﴾ [هود: ٦٩].


(١) انظر: "الصحاح" (مادة: حمد وذمم).
(٢) البيت دون نسبة في "الكشاف" (١/ ٨).
(٣) في "ح " و"ف": (منها).
(٤) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٩٥٧٤) - ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث" (١/ ٣٤٦)، والبيهقي في "الشعب" (٤٠٨٥) - من طريق معمر، عن قتادة، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً، وإسناده ضعيف لانقطاعه، قتادة لم يسمع من عبد الله بن عمرو.
(٥) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (ترك)، والمثبت من "د".
(٦) هي قراءة رؤبة بن العجاج كما في "المختصر في شواذ القراءات" لابن خالويه (ص: ١).