للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قرَأتُم في خُطبة السبق (١): (ورضي اللهُ عنْكم وعن جماعة المسلمينَ) إنْ ذكَرتني (٢) في قولك: (رضي الله .. ) فحَسَنٌ، وإلا فلا حرج، ولكنْ إياك وأنْ تنساني في قولك: (وعن جماعة المسلمين)؛ [لأنَّ قوله: (رضي الله عنك) تخصيصٌ بالدعاء فيجوز أن لا يُقبل، وأمَّا قولُه: (وعن جماعة المسلمين)] فلا بدَّ وأنْ يكونَ في المسلمينَ مَن يستحقُّ الإجابةَ، وإذا أجاب الله تعالى الدُّعاءَ في البعض فهو أكرمُ من أنْ يردَّه في الباقي، ولهذا السببِ قالوا: السُّنَّة إذا أراد أحدٌ أن يذكر دعاءً أنْ يُصلي أولاً على النَّبيِّ ، ثمَّ يَذكر ذلك الدعاءَ، ثم يصلي على النبيِّ ثانياً؛ فإنه إذا أجيب في طرفي دعائه امتَنَع أن يُردَّ في وسطه.

وقد قال : "ادعُوا اللهَ بألسِنَةٍ ما عَصيْتُموهُ بها"، قالوا: يا رسولَ الله! فمِن أينَ لنا بتلك الألسِنةِ؟ قال: "يَدعو بعضُكم لبعضٍ؛ لأنَّك ما عصيتَ بلسانهِ، وهو ما عَصى بلسانِكَ" (٣).

و (الصراط) كالطريق في التَّذكير والتَّأنيثِ، أمَّا في المعنى فبينَهما فَرْقٌ لطيفٌ، وهو أنَّ الطريقَ: كلُّ ما يَطرقُه طارقٌ معتاداً كان أو غيرَ معتادٍ، والسبيلُ من الطُّرق: ما هو معتادُ السُّلوكِ، والصِّراطُ من السُّبُل: ما لا الْتِواءَ فيه ولا اعوِجاجَ، بل يكونُ على جهةِ القصد، فهو أخصُّ الثَّلاثةِ (٤).

وفائدةُ وصْفِه بالمستقيم: أنَّ الصِّراطَ يُطلق على ما فيه صُعودٌ أو هُبوطٌ،


(١) في "تفسير الرازي" (١/ ٢٠٧): (السابق)، والكلام وما بين معكوفتين منه.
(٢) في المصدر السابق: (نويتني)، ولعلها أنسب بالسياق.
(٣) ذكره الرازي في "تفسيره" ولم أجده عند غيره.
(٤) في "ف": (الثلاث).