للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥) - ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

﴿أُولَئِكَ﴾؛ أي: أهلُ هذه الصِّفاتِ، فيُبتنَى الحكمُ على الوصفِ فيَنتفي بانتفائِه، وهذا معنى الاختصاصِ.

و (أولاءِ): كلمةٌ معناها الكِنايةُ عن الجماعة نحو: (هم)؛ جمعٌ لا واحدَ له من لفظه، بُني على الكسر، والكافُ للخطاب، والجملةُ استئنافٌ لا محل لها، فكأنَّه نتيجةُ الأحكامِ والصفات المتقدِّمةِ.

﴿عَلَى هُدًى﴾ مَثَلٌ لتَمْكُّنهم مِن الهدى، شُبِّهتْ حالُهم بحالِ مَن اعْتلى الشَّيءَ ورَكِبَهْ، ونكَّر (هدًى) ليُفيد ضربًا مُبْهماً لا يُبلَغُ كُنْهُه؛ نحوَ: لقد وقعتُ على لحمٍ.

ومعنى كونِهم على الهدى: تمسُّكُهم بمُوجَبِ الدَّلائل؛ لأنَّ الواجبَ على المتمسِّك بالدَّليل (١) أنْ يدومَ على ذلكَ، فكأنَّه تعالى لمَّا مدَحَهُم بالإيمان بما أَنزل اللهُ عليه أولاً، مدَحَهم بالإقامة على ذلكَ ثانياً.

﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ بنَفْي (٢) الكسْبِ، وإثباتِ كونهِ لمحضِ العِناية والعطاءِ كالشَّيء الذَّاتيِّ المقارِنِ لوجودِهم في أوَّل الكونِ، وفيه زيادةُ تعظيمٍ لتلك الهدايةِ.

وإضافةُ الربِّ إليهم للتَّشريف، فكما تُفيد إضافةُ العبد إليهِ تعالى تشريفَه، فكذلك إضافتُه تعالى إليه تفيدُه، بلْ ذلك أقوى إفادةً له.

﴿وَأُولَئِكَ﴾ أعاد اسمَ الإشارةِ تنْبيهاً على أنَّ المقتَضِيَ للفلاح أيضاً هو اتِّصافُهُم بتلكَ الصِّفاتِ، وأنَّ كلَّ واحدةٍ من الأثرتينِ لهم بالاستقلال والانفرادِ،


(١) في (م): "بالدلائل".
(٢) في "د": (نفي)، وتحرفت في "ح " إلى: (مع).