للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والكُفْر - بالضم والفتح (١) - في اللغة: السَّتْر، ومنه سمِّي الزَّارعُ كافراً، فإنَّه يسترُ البذرَ، ونُقلَ في الشَّرع إلى عدَم قَبُول ما عُلِم مجيءُ الرَّسولِ Object به عقْداً أو قَولا؛ لِمَا فيه مِن سَتْر نورِ الفِطرةِ الأصليَّةِ الذي هو بذْرُ الكمالِ، هذا هو الكفر المقابِلُ للإيمان المُنْجي.

وأمَّا الكفرُ المقابلُ للإيمان الشَّرعي الذي لا بُدَّ فيه من الاحتراز عن أمارات عدَمِ قَبول ما ذُكِر، فيَكفي في تحقُّقهِ (٢) وجودُ إحدى تلك الأماراتِ.

والإخبارُ بلفظ الماضي نظراً إلى حال المخاطَبِ؛ لأنَّه مقصودٌ بالإفادة، والمتكلِّمُ (٣) ليس بزمانيٍّ، فلا يختلفُ الإخبارُ (٤) - بحسب دلالتِها على الأزمنة الثلاثةِ - نظراً إليه.

﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾؛ أي: مستوٍ، عُدِل عنه مبالغةً، وإيثارُ الاسم (٥) على الوصف؛ لتَجرُّده عن معنى الحدوثِ، وتمحُّضهِ للدَّلالة على الثُبوت.

والسَّواءُ: الاعتِدالُ في الوسَط، والوسَط: الاعتدال في المقدار، ولكون ذلكَ الاستواءِ ضارًّا (٦) لهم غيرَ نافعٍ، قال: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾ ولم يقلْ: سواءٌ لهم.

والفعلُ في تأويل المصدَرِ، وإنَّما عُدل عنه لِما في الفِعل من إيهام التَّجدُّد،


(١) في هامش "د" و"ف" و"م": (قال الراغب: يقال: كفر كفراً وكفوراً، نحو: شكر شكراً وشكوراً. منه).
(٢) في "ح " و"ف" و"ك": (في الحقيقة)، وفي "د": (في تحقيقه)، والمثبت من "م".
(٣) في "ف" و"ك": (والتكلم).
(٤) في "ح " و"ف" و"ك": (الإخبار بزيادة).
(٥) في "ح " و"د" و"ف" و"م": (وإيثاراً للاسم)، والمثبت من "ك".
(٦) في "م": (صار).