للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحَسُنَ دخولُ الهمزة و (أَمْ) عليه لتقريرِ معنى الاستواءِ وتأكيدهِ، فإنَّهما جُرِّدتا عن معنى الاستفهامِ لمجرَّد الاستواءِ.

والمعنى: سواءٌ عليهمُ الإنذارُ وعدمُه، فالإنذارُ وما عُطف عليه مبتدأٌ في المعنى، و (سواءٌ) الخبرُ، والجملة خبر (إنَّ).

وإنَّما قلنا: إنَّ (سواءٌ) هو الخبر؛ لأنَّ موضعَ الفائدة الخبرُ، والشكُّ إنَّما وقَع في استواء الإنذار وعدمهِ لا في نفي الإنذارِ، ومن هاهنا خرجَ وجْه العناية الدَّاعيةِ إلى تقديمه، ولفظُ الاستفهامِ لا يَمنعُ من ذلكَ، إذْ المعنى على اليَقِين (١) والتَّحقيقِ لا على الاستفهام؛ لِمَا عرفتَ من أنَّ الهمزةَ هنا مستعارةٌ للتَّسوية.

والإنذارُ: الإعلامُ بالتَخويفِ.

وقال ابنُ عطيَّةَ: ولا يكادُ يكونُ إلَّا في تخويفٍ يَسعُ زمانُه الاحترازَ، فإنْ لم يَسعْ زمانُه الاحترازَ كان إشعاراً (٢).

والاقتصارُ عليه لأنَّ الكفارَ ليْسوا أهْلاً للبِشارة المُطلَقة (٣)، والبِشارةُ المعلَّقة على الإيمان تنقلبُ في حقِّهم إنذاراً؛ لأنَّهم مُصِرُّون على الكفر مصمِّمونَ. عليه، فيَنتظِم الإنذارُ هذا القسمَ من البِشارة في حقِّهم.


(١) في "ح " و"ف": (التعيين).
(٢) لم أجده في "المحرر الوجيز"، لكن عزاه إليه أيضاً السيوطي في حاشيته على "تفسير البيضاوي" المسماة "نواهد الأبكار وشوارد الأفكار" (١/ ٣٤٢)، والشهاب الخفاجي في حاشيته على "تفسير البيضاوي" المسماة "عناية القاضي وكفاية الراضي" (١/ ٢٧٢)، وقاله القرطبي في "تفسيره" (١/ ٢٨١) دون عزو لقائل.
(٣) في هامش "م": (فكأنه قيل: فما وجه الاقتصار على الإنذار؟ قال: لأن الكفار ليسوا أهلاً للبشارة المطلقة).