للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ مفسِّرةٌ لإجمال ما قبْلَها، فلا محلَّ لها من الإعراب، أو خبرُ (إنَّ)، وما قبلها اعتراضٌ.

ولا دلالةَ في الآية على وقوعِ التَّكليف بما لا يُطاق؛ لأنَّ الإخبارَ بوقوع الشَّيء أو عدمِهِ لا ينفي القدرةَ عليه، واستحالةُ الكذبِ على الله تعالى اللَّازمِ على تقدير وقوعِ ما أَخبر بعدم وقوعِه، إنَّما تدلُّ على عدم وقوعِ الملزومِ، لا على عدم كونِه مَقْدوراً، فإنَّ استحالةَ اللازمِ لا تستلزمُ استحالةَ الملزومِ.

وفائدةُ الإنذار بعدَ العِلم بأنَّه لا ينجَعُ: إلزامُ الحُجَّة، وحيازةُ (١) الرسولِ فضلَ الإبلاغِ، ولذلكَ حَكَم بالتَّسوية نظراً إليهم دونَ إليه .

* * *

(٧) - ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

ولمَّا كان مظنَّةَ أن يُسألَ عن سبب الحُكم السَّابقِ لغَرابته استُؤنفُ الجوابُ عنه بقوله:

﴿خَتَمَ اللَّهُ﴾ الختْمُ والطَّبعُ: الأثرُ الحاصلُ عن نقشٍ، ويُتجوَّز بهِ عن الاستيثاق عن الشَّيء والمنعِ منه، نظراً إلى ما يَحصلُ بالختْم على الكُتب والأبواب بالمنْع، وقد يقالُ ذلك وُيعنى به بلوغُ آخرِ الشَّيء نظراً إلى أنَّه آخرُ فصلٍ في إحراز الشَّيء، ومنه: ختمتُ القرآن.

ولم يُرِدْ به هنا الختمَ في بَدْءِ الفِطرةِ ليكونَ التَّكليفُ ضائعاً، ويخالفَ ما رُوي عن النبيِّ شائعاً مِن أنَّ: "كلّ مولودٍ يُولدُ على الفِطرةِ" (٢)؛ أي: على


(١) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (وصيانة)، والمثبت من "د".
(٢) رواه البخاري (١٣٨٥)، ومسلم (٢٦٥٨)، من حديث أبي هريرة .