للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جاءت الجملةُ المنفيَّةُ اسميةً مصدَّرة بـ (هم)، وسُلِّط (١) النَّفي على اسم الفاعلِ الذي ليس مُقيَّدًا بزمانٍ ليشملَ (٢) النَّفيُ جميعَ الأزمان، ويُجرَّد الكلام للدَّلالة على ما سيقَ له، ولم يُؤت بشيءٍ زائدٍ عليه إلَّا ما يشدُّ من عضُدِه كحرف الباء لتأكيد النَّفي.

وإطلاقُ الإيمان في سياق النَّفي - وكان مقيَّدًا في الإثبات - لأنَّه غيرُ منجَّزٍ، فمَن أخلَّ ببعضِ ما لا بدَّ منه ليس بمؤمنٍ أصلًا، لا أنَّه مؤمنٌ ببعضٍ دونَ آخر.

والآيةُ الكريمةُ لا تنهضُ حُجَّة على الكرَّاميَّة، لا لأنَّهم (٣) يشترطونَ في كون الشَّهادتينِ إيمانًا عدمَ مخالفة القلبِ اللسانَ، أعمَّ من أنْ يكونَ موافقًا له أو فارغًا عنهما؛ لأنَّ احتجاجَهم بأنَّه تواترَ أنَّ الرسول Object والصحابةَ والتَّابعين - رضوانُ الله تعالى عليهم أجمعينَ - كانوا يَقنَعون بالكلمتين ممَّن أتى بهما، ولا يَستَفسرونَ عن علمه وتصديقه القلبيِّ وعملِه، فيَحكمون بإيمانه بمجرَّد الكلِمتينِ، فعلمنا أنَّه الإيمان بلا عِلم وعملٍ، صريحٌ (٤) في عدم الاشتراط بالقيد المذكور، بل لأنَّ كلامَهم - على ما دلَّ سياقُ احتجاجِهم - في الإيمان الشَّرعيِّ المعتبرِ عندنا في إجراء أحكامِ الإسلام في الدُّنيا، لا الإيمانِ الحقيقي المعتبر عند الله تعالى المُنْجي عن (٥) الخلود في النَّار، فلا يندفعُ قولُهم بالإجماع على أنَّ المنافقَ كافرٌ، ولا بالإجماع على أنَّ مَن هَمَّ بالشَّهادتينِ فمنَع مانعٌ من خرَسٍ أو خوفٍ مؤمنٌ.


(١) في "ح " و" ف" و"ك" و"م": (وسلطوا)، والمثبت من "د".
(٢) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (يشمل)، والمثبت من "د". وكلمة (النفي) بعدها ليست في "ح ".
(٣) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (لأنهم) بإسقاط (لا)، والمثبت من "د"، وهو الصواب.
(٤) قوله: (صريح) خبر (أنَّ) في قوله: (لأنَّ احتجاجَهم … ).
(٥) في "ف": (من).