للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١١) - ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾.

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ﴾ عطفٌ على (يقولُ) فلا محلَّ له من الإعراب، ولا بأسَ بالتخلُّل بين أجزاء الصِّلة بالبيان والاستئنافِ؛ لأنَّه ليس بأجنبيٍّ، فالآياتُ على سَنن تعديد قبائحِهم وتوصيفِهم بالأوصاف المذكورة قصدًا واستقلالًا.

ويحتملُ أنْ تكونَ مستأنفةً؛ إذ هذه الجملةُ والجملتانِ بعدَها من تفاصيل الكذبِ ونتائجِ النِّفاقِ.

ألَا ترى قولَهم: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١١]، وقولَهم: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾ [البقرة: ١٣]، وقولَهم عند لقاءِ المؤمنينَ: ﴿آمَنَّا﴾ [البقرة: ٨] كذبٌ محضٌ، فناسَب جعْلُ ذلك جُملًا مستقلَّةً ذُكرتْ لإظهار كذبِهم ونفاقِهم.

والإفسادُ: جعْلُ الشَّيءِ فاسدًا خارجًا عمَّا ينبغي أنْ يكونَ عليه، وعن كونِه منتفَعًا به، وكان (١) من إفسادِهم في الأرض (٢) هَيْجُهم الحروبَ والفِتنَ؛ لمُخادعة المسلِمينَ، وممالأةِ الكفَّارِ عليهم، بإفشاءِ الأسرارِ إليهم.

والظَّاهرُ أنَّ القائلَ مَن شافَهَهُم من الرَّسول والصَّحابة، والثاني أقرب.

﴿قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ لمَّا كان نهيُهم عن الإفساد مُشعِرًا بأنَّ فيه إفسادًا نَفَوا ذلك عن أنفسِهم بادِّعاءِ أنَّهم مقصورونَ على الاصلاحِ من غير شائبةِ إفسادٍ، وآثروا (إنَّما) دلالةً على أنَّ ذلكَ الدعوى ظاهرٌ بيِّنٌ لا ينبغي أنْ يُشكَّ فيه.


(١) في "ح "و"م": (فكان).
(٢) (في الأرض) ليست في "ح " و"ف" و"ك".