للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيه تنبيهٌ على أنَّهم يتصورونَ إفسادَهم بصورة الإصلاحِ لِمَا في قلوبِهم من المرض؛ كما قال اللهُ تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ [فاطر: ٨]. وقوله: ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾. فردَّ الله تعالى ذلكَ بقوله:

* * *

(١٢) - ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.

﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ قصْرُ قلبٍ؛ أي: هم مقصورون على الإفساد لا ينتظِمونَ في جملة المصلِحينَ أصلًا، مع المبالغةِ على أبلغ الوجوهِ وآكدِها؛ من الاستئنافِ المقصودِ به تمكُّنُ الحكمِ في ذهن السَّامعِ فضْلَ تمكُّنٍ؛ لحصوله بعد التشويقِ الحاصلِ من ذِكْر ادِّعائِهم الإصلاحَ على وجهٍ أبلغَ مع توغُّلهم في الإفساد، فإنَّه يُشوِّق السامعَ أنْ يعرفَ (١) ما حَكَم اللهُ عليهم، والشَّيءُ إذا وُجِد بعد الطَّلبِ يكونُ أعزَّ ممَّا فوجِئَ (٢) به من غيرِ النَّصَب.

وتصديرِ (٣) الجملةِ بـ (ألَا) و (إنَّ) للتنبيهِ والتَّحقيقِ، وذلكَ أنَّ (ألَا) مركَّبةٌ مِن همزةِ الاستفهامِ وحرفِ النَّفي لإعطاء معْنَى التنْبيهِ على تحقّقِ ما بعدها، والاستفهامُ إذا دخلَ النَّفيَ أفاد التَّقريرَ والتَّحقيقَ؛ كقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِر﴾ [القيامة:٤٠]، وتكونُ همزة الاستفهام بهذه المثابةِ من التَّحقيق تُتَلقَّى بما يُتلقَّى به القسَمُ، وأختُها (٤)


(١) في "ح " و"ك" و"م": (يصدق)، وفي "ف": (يقصد)، والمثبت من "د".
(٢) في "م": (جيء).
(٣) قوله: (وتصديرِ … ) معطوف على كلمة (الاستئناف) في قوله: (من الاستئناف المقصود به … ). وانظر ما سيأتي بعد تعليق.
(٤) أي: أخت (ألا).