وقد استبانَ من هذا التَّوضيحِ أنَّه يَشدُّ من عَضُد التَّرشيحِ، وزيادةُ (كان) لاستمرار النَّفي، على أنَّ النَّفي اعتُبِرَ أوَّلًا ثمَّ قُيِّدَ، والتَّعويلُ في مثل هذا على القرائنِ.
ولشأنِهِ العجيبِ في إبراز الحقائقِ المستورةِ، ورفعِ الأستار عن وجه الخفيَّاتِ، أكْثَرَ اللّهُ تعالى في القرآن وسائرِ كُتبهِ الأمثالَ، وفَشَتْ في كلام رسولِ اللهِ ﷺ وسائرِ الأنْبياءِ.
والمثلُ في الأصل بمعنى: النَّظير، ثُمَّ نُقل في العُرف إلى القول السَّائرِ الممثَّل مَضْرِبُه بموردهِ، ولم يُسيِّروه ولم يجعلوهُ مَثَلًا إلَّا إذا خُصَّ بنوع من الغَرابة، ولهذا لم يُغيِّروه عمَّا وردَ عليه، ثُمَّ استُعير للصِّفة والحالِ والقصَّةِ إذا كانت عجيْبةَ الشَّأنِ وفيها غرابةٌ.
فالمعنى: حالُهم العجيبُ الشَّأنِ كحال المُستوقِد، فلا حاجةَ إلى معنى الجمعِ كما في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ﴾ [الجمعة: ٥].