للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستَوقدَ: من الوُقود، وهو سُطوع النَّار وارتفاعُ لهَبِها، وسينُ الاستفعالِ ليس للطَّلب والسؤال، بل للاهتمام والمبالغةِ في الإيْقاد.

والنَّارُ: جسمٌ لطيفٌ مُحرِقٌ، اشتقاقُها من نارَ ينورُ نَوْرًا: إذا نفَر؛ لأنَّ فيها حركةً واضطرابًا.

﴿فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ﴾ الإضاءةُ: فرْطُ الإنارةِ، من الضوء الذي هو النُّور البالِغُ القويُّ، ومصداقُه قوله تعالى: ﴿جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ [يونس: ٥]. وتأليفُ الحولِ: للدَّورانِ والإطافةِ، وقيل للعامِ: حَوْلٌ؛ لأنَّه يدورُ.

و (أضاءتْ) إمَّا متعدٍّ و (حولَه) مفعولٌ به، و (ما) زائدة. أو (ما) موصولةٌ مفعولٌ به، و (حوله) ظرفٌ صِلتُه؛ أي: جعلتْهُ النَّارُ مُضيْئًا.

وإمَّا لازمٌ مستنِدٌ إلى (ما حوله)، و (ما) موصولةٌ؛ أي: أضاءت الأماكنُ التي حولَ المستوقِدِ. أو إلى النَّار، و (ما حولَه) ظرفٌ لغوٌ لـ (أضاءت)، و (ما) زائدة، أو (حول) ظرفٌ في موضع الصِّلةِ، و (ما) موصولةٌ عبارة عن الأمكنة، والموصولُ مع الصِّلة مفعولٌ فيه.

وجوابُ (لمَّا) إمَّا قولُه: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ والضميرُ لـ (الذي)، وجمعُه للحمل على المعنى، وإنَّما لم يقلْ: بنارهم؛ لأنَّ في النار شيئينِ: حرارةً ونورًا، والله تعالى أذهبَ النُّورَ، وبَقيَ عليهم الحرُّ المحذور.

وإمَّا محذوفٌ دلَّ عليه ما بعدَه كما حُذِف في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ﴾ [يوسف: ١٥]؛ لاستطالة الكلامِ مع الأمنِ مِن اللَّبْس (١)، وفي الحذف إيجازٌ مع


(١) ولا يخفى ما فيه على من له أدنى إنصاف، وإن ارتضاه الجم الغفير، ويُجل عن مثل هذه الألغاز كلام الله تعالى اللطيف الخبير. انظر: "روح المعاني" (١/ ٤٦٥).