للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنَّ المعنى: وأنتم تعلمون امتناعَ الأنداد (١) وأنها لا تفعل مثلَ هذه الأفعال، وعلى هذا فالمقصودُ منه التوبيخُ والتنبيه (٢) على قبح فعلهم؛ لأنَّ مرتكبَ القبيح مع علمه بقُبحه أعظمُ جرمًا، لا تقييدُ الحكم وتخصيصُه (٣) به، فإنَّ العالِم والجاهل المتمكِّنَ من العلم سواءٌ في التكليف.

وإنَّما خَصَصْنا التوبيخَ بالوجه الأخير لأنَّ الظاهر أنَّ المراد على الأوَّل الهزُّ (٤) لترك الأنداد، ووجْهُ ذلك: أنَّ التلطيف بعد التَّغليظ أَدْخَلُ في الأسماع وأَعْوَنُ على الإصغاء من التَّغليظ بعد التَّغليظ؛ ألا ترَى كيف وصَّى رسوله إذ أُرسل إلى عدوِّه وقال: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ [طه: ٤٤].

(٢٣) - ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.

﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ لمَّا قرَّر وحدانيته، وبيَّن الطريق الموصِلَ إلى العلم بها، عقَّبه بذِكر ما هو الحجَّةُ على نبوَّة محمدٍ ، وهو القرآنُ المعجِز بفصاحته، وعرَّف ما يُتعرَّفُ به إعجازه، ويُتيقَّن أنه من عند الله.

ثمَّ إنَّه سلك مَسْلَكَ الإطناب حيث لم يَقُل: وإن ارتبتُم، سَوقًا للكلام على وَفْق


(١) في "د" و"م": (النداء)، وفي "ح" و"ف": (الند)، والمثبت من "ك".
(٢) في "ح" و"ك" و"ف": (أو التنبيه).
(٣) في "ح" و"ف" و"ك" و"م": (وتحقيقه)، والمثبت من "د".
(٤) في "ح" و"ف" و"ك" و"م": (النهي)، والمثبت من "د".