للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلمَّا اختصَّ بهذه الحريَّة أُكرم باسم العبد المطلَق، كما قال: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النجم: ١٠].

وقرئ: (على عبادنا) (١) يعني: النبيِّين الذين أُنزل عليهم الكتب، وفيه تنبيهٌ على أن مَن شكَّ في القرآن مع ظهورِ إعجازه فهو شاكٌّ في سائر الكتب الإلهية أيضًا حقيقةً أو حكمًا.

ويجوزُ أن يراد: مَن أَخبر بنبوةِ محمدٍ ﵇ وبشَّر بمجيئه من الأنبياء كموسى وعيسى ﵉.

والأمرُ في ﴿فَأْتُوا﴾ للتعجيز؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ [البقرة: ٢٥٨]، والفاءُ لأنَّه جوابُ الشرط، وبدونها يقال: (ايتوا) الألِفُ مجتلَبة والهمزةُ صارت ياءَ لكسرةِ ما قبلَها، وسقطت همزتُها كراهةَ التقاء الهمزتين، وتثبت الياء كتابةً في قوله: ﴿ثُمَّ ائْتُوا﴾ [طه: ٦٤]؛ لأنَّه يُوْقَف على ﴿ثُمَّ﴾ ويبدأ: ﴿ائْتُوا﴾ ولا تثبت في قوله: ﴿فَأْتُوا﴾ وفي قوله: ﴿وَأُتُوا﴾ لتعذر الفصل بين الفاء والكلمة، وكذا بين الواو والكلمة.

والسورة مأخوذةٌ من قولهم: سَار يسُور: إذا ارتفع وعلا، وسمِّي الجدار المحيط بالمدينة سورًا لارتفاعه، فالسورةُ من القرآن: مجموعُ آياتٍ مفصَّلةٍ ارتَفَعتْ وعَلَتْ وظهرت وصارت كالعَلَم في مُغايَرتها لسائر السُّوَر.

وهي بإطلاقِها تتناولُ أقصرَ السُّوَر، وهي في القرآن سُورة الكوثر، وهي ثلاثُ آياتٍ قِصَارٍ، وهذا أبلغُ إلزامٍ وأتمُّ قطعٍ لأهل الخصَام، فقد كان التحدِّي أولًا بالإتيان


(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٩٧).