للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولمَّا كان الأمر المذكور أمرَ تهكُّم وتعجيزٍ أَخبر أنهم ليسوا قادرينَ على إتيان المأمور به بقوله:

(٢٤) - ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾.

﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ لمَّا أَرشدهم إلى الدليل الذي يتبيَّن به أمرُ النبيِّ ﵇ وصِدقُه، وكونُ ما جاء به حقًّا، صرَّح بنتيجته لاستلزامِ نفي اللازم - وهو امتناعُ معارضته - نفيَ الملزوم الذي هو انتفاءُ الرَّيب فلزمَهُم تصديقُه والإيمانُ به، وإلا استوجَبوا أشدَّ العذاب.

وإنَّما أَوْردَ الفعلَ في موضع الإتيانِ لأنَّه ما من شيءٍ من الأحداث إلا ويصحُّ أن يعبَّر به عنه وذلك؛ لِمَا ذكره الرَّاغبُ: أنَّ معناه أعمّ من معنى سائرِ أخواته نحوَ العمل والصُّنع والإحداث (١).

فالمعنى: فإنْ لم تأتوا بسورةٍ مِن مِثْله ولن تأتوا بسورةٍ مِن مِثْله، ولا يخفى ما فيه من حسن الإيجاز (٢).

وأتَى بكلمة (إنْ) دون: إذا، مع تحقّقِ الشرط: إمَّا تهكُّمًا به، وإمَّا بناء على ظنِّهم قبل ظهور العجزِ عن المعارضة.

و (لم) كلمةُ نفي تدخلُ على المستقبل وتجعلُه بمعنى الماضي، ثم دخولُ (إنْ)


(١) انظر: "تفسير الراكب" (١/ ١١٩).
(٢) في هامش "د" و"م": (فيه رد لمن زعم أنه من باب الكناية لأنَّه من قبيل ذكر العام في موضع الخاص، فإن أريد معنى الخاص بخصوصه فمجاز مرسل وإلا فحقيقة. منه).