للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها ثمرةٌ عادت مكانها أخرى، وأنهارُها تجري في غيرِ أُخدود (١).

والضمير في ﴿بِهِ﴾ يرجع إلى المرزوق في الدنيا والآخرة؛ لاشتمال الكلام عليهما (٢)؛ كقوله تعالى: ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾ [النساء: ١٣٥]؛ أي: بجنسي الغنيِّ والفقير، ولو رجع إلى المذكور لقال (٣): أولى به.

ويجوز أن يكون المعنى: مِن قَبْلِ هذا في الجنة؛ لأن طعامها متشابهُ الصورة، كما حكى الحسن: يؤتَى أحدُهم بالصَّحْفة (٤) فيأكل منها، ثم يؤتَى بالأخرى فيقول: هذا الذي أُتينا به من قبلُ، فيقول الملَك: كُلْ، فاللَّونُ واحدٌ والطَّعمُ مختلِفٌ (٥). وعلى هذا يرجع الضمير إلى الرزق المطلَق كما أن ﴿هَذَا﴾ إشارةٌ إليه.

ولا يَخفَى أن الوجه هو الأولُ؛ لعدم المساعدة في نكتة ﴿كُلَّمَا﴾ للأخير. والجملة اعتراضيةٌ كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [النمل: ٣٤] (٦)، والواوُ في: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ عاطفةُ الجملة من تتمَّة وصفِ ثواب المؤمنين.


(١) رواه الثوري في "تفسيره" (ص: ٢٨٠)، ومن طريقه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣/ ٢٦٧)، وهناد في "الزهد" (١٠٤).
(٢) في "ح" و"د" و"ك" و"م": "عليها"، والمثبت من "ف".
(٣) في "د": (لقيل)، وفي "ك": (لكان).
(٤) في هامش "د": (هي القصعة التي يأكل منها خمسة رجال).
(٥) انظر: "الكشاف" (١/ ١٠٩)، ورواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٤١٠) من قول يحيى بن أبي كثير.
(٦) في هامش "د": (هذا على تجويز الاعتراض في آخر الكلام، والأكثرون يسمونه تذييلًا. سعد الدين).