للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ الخسارَ عليهم؛ لخروجهم عن مقتضى الفطرةِ، واستبدالِهم ظلمةَ الجهل بالنور الفِطري، والغوايةَ بالهداية الأصلية التي هي نور العقل، والنقضَ بالوفاء، والقطعَ بالوصل، والفسادَ بالصلاح، والعقابَ بالثواب.

(٢٨) - ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.

﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾ (كيف) للاستفهام عن الحال، والمراد: الإنكار والاستبعاد والتعجُّب، وليس فيه معنى الإخبارِ وإلا يلزم الجمع بين المعنى الحقيقيِّ والمجازيِّ.

ولمَّا عُلم امتناعُ وقوع الشيء على غير حالٍ من الأحوال، كان إنكار حالٍ مّا من (١) أحوال الكفر إنكارَ نفسِ الكفر على الطريق البرهاني، فيكونُ من باب الكناية بنَفْي اللازم عن نفي الملزوم، فيفيدُ كونَ الكفر بالله مع العلم بالحالةِ الآتي ذكرُها كالمستحيل في نفسه؛ لقوَّة الدليل الموجِبِ للإيمان؛ فإنها آياتٌ بيِّنات، ولهذا كان الاستفهام الإنكاري بـ (كيف) أبلغَ من الاستفهام الإنكاري بالهمزة.

وحملُ الكفر على معنى الكفران المقابلِ للشكر (٢) تأباه الباء في قوله:

﴿بِاللَّهِ﴾ لأنَّه لا يقال: كَفَر بالمنعِم وبالنعمة، بل يقال: كَفَر المنعِمَ والنعمةَ، ولأن بعضَ ما ذُكر ليس من النِّعم كما لا يخفى.


(١) في النسخ عدا "م": (هي)، والمثبت من "م".
(٢) في هامش "د": (رد للقاضي حيث جوز ذلك).