للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذان التفسيران قد كانا أساساً لمدرسة في التفسير تعتمد الألفاظَ والتراكيب القرآنية أساساً، وتنطلق منها لبيانِ مواطنِ الإعجاز، واستنباطِ المعاني التي لا تظهر إلا لصاحب القريحة الوقَّادة، والعقل النيِّر، والعلم الغزير باللغة والنحو والمعاني وأساليب العرب في الكلام، وقد رسم معالم هذه المدرسة العلَّامة أبو السعود في خطبةِ "تفسيره"، حيث قسم التفاسير إلى قسمين:

الأول: منهج المتقدِّمين الذين اقتصروا على تمهيدِ المعاني، وتشييدِ المباني، وتبيينِ المرام، وترتيبِ الأحكام، حَسْبَما بلغهم من سيد الأنام.

والثاني: منهج المتأخِّرين المدقِّقين، الذين رامُوا مع ذلك إظهارَ مزاياه الرائقة، وإبداءَ خفاياه الفائقة؛ ليُعاين الناسُ دلائلَ إعجازه، ويشاهدوا شواهدَ فضله وامتيازه … ، فدوَّنوا أسفاراً بارعة، جامعةً لفنون المحاسن الرائعة، يتضمَّن كلٌّ منها فوائدَ شريفةً تَقَرُّ بها عيون الأعيان، وعوائدَ لطيفةً يتشنَّف بها آذانُ الأذهان، لاسيما "الكشاف" و "أنوار التنزيل"، المتفرِّدان بالشأن الجليل والنعت الجميل، فإن كلًّا منهما قد أحرز قَصَبَ السَّبْق أيَّما إحراز، كأنه مرآةٌ لاجتلاءِ وجهِ الإعجاز (١).

وإذا عُرِفَ أنَّ للمؤلِّفِ ﵀ حاشيةً على كلِّ واحدٍ من التَّفسيرينِ المذكورَينِ، ثم توَّج ذلك بتفسيره المبارك هذا، مروراً بعشرات الرسائل التي تناولت المعاني القرآنية والملامح الإعجازية، والتي كان من أهم معالمها


(١) انظر: "تفسير أبي السعود" (١/ ٤).

<<  <  ج:
ص:  >  >>